يكتبه: حمدان البادي|
في عالمنا اليوم، تأخذ السياحة أشكالاً متعددة، لكن من بين أكثرها إثارة للجدل هي “السياحة المظلمة” أو “السياحة السوداء”، حيث يجد البعض متعتهم في زيارة مواقع الكوارث والمآسي.
وبالرغم من حداثة المصطلح، إلا أن هذا النوع من السياحة جذوره تمتد إلى العصور القديمة، كما في روما القديمة حيث كان الناس يحتشدون في المدرجات لمشاهدة المعارك الدموية بين المصارعين أو الصراع مع الحيوانات، في مشهد ترفيهي ينتهي بموت أحد الأطراف وسط تشجيع وهتاف الجماهير.
مؤخرا، ظهر مصطلح “سياحة الإبادة”، وهو تعبير سمعته من الناشط الكويتي الدكتور محمد الكندري لوصف ممارسات بعض الصهاينة في كيان الاحتلال الإسرائيلي. حيث يجد بعض اليهود متعتهم في الدخول بزوارق إلى البحر لمشاهدة القصف والدمار الذي تتعرض له غزة، وهو ما قادني للبحث أكثر، ونحن الذين رأيناهم يفرون في أول فرصة أتيحت لهم وهناك أكثر من نصف مليون إسرائيلي حتى يونيو الماضي غادروا البلاد ولم يعودوا في الأشهر الستة الأولى من الحرب، ولا يُعلم ما إذا ما كان ذلك قرارا مؤقتا أم أنه سيتحول إلى هجرة دائمة، وذلك وفقا لتقارير نشرتها وسائل الإعلام نقلا عن صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، نقلا عن بيانات سلطة السكان والهجرة لدولة الاحتلال.
وكان العدد سيكون أكبر لولا أن عدد كبير من شركات الطيران قد علقت رحلاتها من وإلى الكيان المحتل لآجل غير مسمى والبعض حتى مارس القادم بسب الخوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، كما نشرت وسائل الإعلام.
وبالعودة إلى الكيان الصهيوني يبدو أنهم يحاولون أن يصنعون من المأساة التي حلت بهم مساحة للفرجة لتحسين الصورة العامة بعد أن اهتزت وذلك أمام المؤيدين ومن نبقى من شعبهم وقد نشرت العربي الجديد الأسبوع الماضي تقريرا صحفياً يسلط الضوء على “السياحة السوداء” في الكيان المحتل، فمنذ أشهر والمعابد والاتحادات اليهودية من جميع أنحاء العالم ترعى رحلات تأخذ مؤيديها في “مهام تضامنية” إلى جنوب إسرائيل، حيث تصطف الحافلات السياحية على أطراف موقع مهرجان نوفا، ويخطو “السيّاح” فوق الأنقاض التي لا تزال مدمرة في “المستوطنات” ، كذلك، ابتدع الكيان المحتل نقلا عن -العربي الجديد- ما سمّته “ساحة الرهائن” في تل ابيب،” حيث يدخل السياح إلى نفق خرساني مظلم بطول 30 متراً، لمحاكاة تجربة الرهائن الإسرائيليين، ولزيادة الرعب في قلوب الزوار جرى تجهيز المكان بصوت الانفجارات والقتال.
المؤسف في هذه الظاهرة أن بعض المسلمين يشتركون في هذه المأساة بطريقة غير متوقعة، إذ يُظهر بعضهم شماتة تجاه الضحايا الفلسطينيين، معتبرين أن ما يحدث لهم هو نتيجة حتمية، وقد رأيناهم وبعض القنوات العربية كيف يرقصون على جثث الشهداء، في حالة من الانحطاط الأخلاقي والتفكك القيمي، حيث يتم تحويل المآسي إلى مناسبات للفرجة والتسلية، في حين يُغض الطرف عن الإنسانية والعدالة.