مقال| السياحة من الأبراج المغلقة إلى المسطّحات المفتوحة

يكتبه: د. رجب العويسي|

تمثل السياحة أحد أهم مؤشرات جودة حياة الإنسان، نظرا للصورة الإنسانية الراقية التي تقدمها، وخيوط الاتصال والتناغم الروحي والفكري التي تبنيها في العقل اللاواعي، وتؤصلها في المدركات الحسية والمعنوية في حياة الانسان، لذلك يجد فيه مزيد السعادة، وراحة البال، وتطييب الخاطر، وجماليات الذوق، ويستشعر فيها حس التغيير والتجديد وإعادة هندسة البناء الذاتي، بما تمنحه من فرص التأمل والبحث في نواميس هذا الكون وما وهبة الله للإنسان، ليصنع منها محطة انطلاقة متجددة يستوعب فيها عالمه، ويقف فيها عند مسؤولياته، ويؤسس في ظلها روحا تغييريه تضمن له الاستقرار. 

 وإن من بين الأمور التي يجب أن تضعها السياحة كمدخل في صناعة التغيير هو قراءتها في ثوب البساطة وحس الذوق وجماليات المكان، وإخراجها قدر الإمكان من حالة التحجيم والتقوقع التي باتت تقرأ السياحة في الفنادق والمنتجعات السياحية، والبيئات المغلقة كليا، أو مراكز التسوق، فإن هذه الصورة الضيقة للسياحة كان لها تداعياتها السلبية في اتساع الفجوة في المنجز السياحي، وغياب مفهوم البعد الإنساني والجمالي للسياحة التي تبرز في بساطة التفاصيل وتعظيم السياحة الطبيعية للمكان، لترسم منه صورة جميلة حاضرة في السهل والجبل والاودية والشواطئ البحرية ، وفي البيئات الرميلة والصحراوية.

 فإن الحديث عن الميزة النسبية وفرص التنوع السياحي يأخذ في الحسبان تعددية هذه البيئات ومن بينها، الشواطئ الباردة الممتدة من ظفار إلى جنوب الشرقية مرورا بالوسطى، بيئات سياحية طبيعية بحاجة إلى أن تجد لها في قاموس اقتصاديات المحافظات مزيدا من الرعاية والعناية، وعبر تنفيذ مشاريع سياحية تصنع الفرص وتحقق الاستدامة. 

ما أردنا قوله هو أننا اليوم بحاجة إلى الانتقال بالسياحة من الأبراج المغلقة إلى المسطحات المفتوحة مع إضافة معايير الأمان والسلامة فيها، وتوسيع الخيارات الداعمة لها، مثل التوسع في إقامة النزل السياحية على الشواطئ وتجهيزها وتوفير متطلباتها من الخدمات الأساسية، والتي من شأنها أن تحافظ على خصوصيتها في أجواء طبيعية وبيئات مفتوحة، مقابل مبالغ رمزية، تتناسب مع طبيعتنا الجغرافية، كما تتناسب مع الظروف الاقتصادية للمجتمع، وتفتح المجال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في تنفيذ وإدارة مشاريع سياحية منتجة تعزز من استدامة الحضور السياحي لهذه البيئات.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*