مقال| السوق السوداء 

يكتبه: حمدان البادي| 

 السوق السوداء مصطلح رائج عند جماهير الألعاب الرياضية من الباحثين عن تذاكر بعد نفاذ المعروض منها، ولكل مجال هناك سوق سوداء موازية وخارج سياق القانون والتشريعات ومنها السوق السوداء لصرف العملات، وهي أسواق الصرافة التي تتم بعيدا عن الممارسات الرسمية للصرافة حيث يقصدها بعض المسافرين لاستبدال “دولاراتهم” بعملة البلد التي يقصدونها.   

وكنت أعتقد أن العالم تجاوز هذه السوق السوداء – على الأقل- في القطاع المصرفي السوق التي تدور في الخفاء وبصورة غير رسمية إلى أن أعادني مؤخرا صديق لذلك المشهد فقد وجدتُ نفسي في مطبخ سمك لأحد المطاعم الشعبية في أحد الشوارع السياحية، حيث دارت ” الصفقة” وكنت أنا الشاهد والحارس، والمحاسب في نفس الوقت عين على الفلوس في يد صديقي والسمسار وعين على وجوه السماسرة والطباخين والسكين المغروزة في رأس قطعة سمك. 

سوق لا يزال نشطا وله سماسرته ومرتاديه في ظل تطور التقنيات المالية والاستجابة السريعة لأجهزة الصرف الآلي ATM في استدعاء الأموال بمقابل رمزي بسيط يغطي فرق العملة ورسوم البنك، وأيضاً في ظل الطفرة الرقمية ومشاريع ” الفنتك” التي تجعل من الكاش والشيكات السياحية ليس من الضرورات التي يجب أن تأخذ حيزا من اهتمام المسافرين. 

 في ظل كل هذه الوسائل تبقى “السوق السودة” مغامرة يقصدها البعض طمعا في مكسب إضافي فوق سعر الصرف اليومي، قد لا يغطي في أحيان كثيرة تكلفة شراء الدولار ولا ما ينطوي عليه من مخاطر وشبهات تندرج تحت سياق غسيل الأموال والأموال المزورة وعمليات النصب والاحتيال إلى جانب التهرب الضريبي، خاصة أنها تتم في ظروف معقدة محاطة بالسرية. بالنسبة لي وفي ظل وفرة طرف الوصول إلى المال من حسابي الشخصي أثناء السفر فقد تجاوزت هم الصرافة وسعر الصرف اليومي، وبقدر الإمكان احرص على عدم حمل الكاش إلا للضرورة، فالتعاملات الرقمية أصبحت متاحة في أغلب الأماكن التي يرتادها السياح بمختلف أشكالها وطرقها، والبنوك ومنذ سنوات وفرت حلولا خاصة بالسياحة عبر بطاقات يتم إصدارها للسياح وبعملة تلك البلد، حتى التطبيقات الرقمية ومحافظ الهاتف توفر خاصية إيداع مبالغ بعملة البلد وتوفر معلومات أين يمكن استخدامها في تلك البلد.

 وهذا لا يعني أن مرتادي السوق السوداء لاستبدال العملات لا يدركون هذه الحلول المالية ولا يستخدمونها، إنما لجؤهم لتلك السوق يأتي لاعتبارات مختلفة من وجهة نظرهم، وإن حركة الدولار في حركة مستمرة مقارنة بعملة البلدان المرتبطة به، وأي تأثير لصالح الدولار من شأنه أن يجعل من السوق السوداء خيارا مثاليا ولعل أبرز مثال على ذلك ما حدث في مصر من تراجع قيمة الدولار أمام الجنية المصري.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*