جبل نيبو في “مادبا” الأردنية.. إطلالة بانورامية على فلسطين

عمّان – العُمانية|

يكتسب جبل نيبو الواقع في محافظة مادبا جنوب العاصمة الأردنية عمّان أهمية خاصة عبر التاريخ، إذ كانت تمر به القوافل التجارية خلال رحلاتها في نقل البضائع، وغدا مقصداً للسياح والزائرين من أرجاء العالم، لما يوفره من إطلالة بانورامية على مدن فلسطينية مثل أريحا والقدس، وعلى منطقة البحر الميت ووادي نهر الأردن أيضاً.

ويتربع على قمة الجبل الذي يرتبط اسمه بـ “إله التجارة” في الحضارة البابلية دير وكنيسة تعود إلى العصر البيزنطي، وفي ساحتها شجرة زيتون غرسها البابا يوحنا بولس الثاني عند زيارته للأردن عام 2000م، وتمثال لأفعى أفعوانية أنشأه الفنان الإيطالي “جيان باولو فانتوني” رمزاً لقدسية المكان.

ويزيِّن مدخلَ الكنيسة نصب تذكاري يحمل اسم “كتاب الحب بين الناس”، صمّمه ونحته الفنان الإيطالي “فينشينزو بيانكي”، ويرمز للقوة والاتحاد بين الناس، وكذلك عبارات ترمز للتآخي الديني والتسامح، كُتبت باللغات العربية واليونانية واللاتينية.

وتم تشييد الكنيسة للمرة الأولى في النصف الثاني من القرن الرابع للميلاد، ويتبع تصميمها نمط “البازيليكا” النموذجي، وتتضمن العديد من الغرف التي تحتوي أعمالاً فنية من الفسيفساء التي تتوزع على الأرضيات وفوق الجدران، وتشتمل على صور دقيقة لأشكالٍ من الأشخاص والأشجار والحيوانات والطيور، شأنها في ذلك شأن العديد من الأرضيات الفسيفسائية للكنائس بمدينة مادبا التاريخية، والتي تتميز بألوانها وأشكالها المستوحاة من البيئة الطبيعية المحيطة بالمنطقة.

وقد وسِّعت الكنيسة في أواخر القرن الخامس للميلاد، وأعيد بناؤها في عام 597م، وعُثر في الموقع على ستة مقابر مجوّفة من الصخور الطبيعية تحت الفسيفساء التي تغطِّي أرضية الكنيسة.

وفي الصحن المركزي، الذي يقع على يمين المذبح داخل الكنيسة، يمكن للزائر رؤية تشكيل من الفسيفساء باللون الأسود، وهناك أبواب وآبار ربما كانت تُستخدم كممرات سرية، وتحتوي على قاعات المعمودية على أشكال فسيفسائية مشغولة بأدق التفاصيل تصوّر مشاهد الصيد والرعي، وتعدّ من أندر الأرضيات الفسيفسائية في العالم لأنها حُفظت بالكامل من الخراب على مر الزمن.

وقريباً من الكنيسة شُيِّد متحف للزوار يضم تخطيطات لرسومات توضيحية للمكان عبر حِقَبه التاريخية المختلفة، حيث يمكن تتبع تلك المراحل وما أضيف من أبنية تجاورت مع أخرى أو رُفعت على أنقاضها.

كما يحتوي المتحف على صور ترصد الجهود التي بُذلت لإعادة الحياة للمكان الأثري منذ وصل الرهبان إلى جبل نيبو عام 1933، فقد باشروا عمليات الحفر والترميم والتنقيب بعد أن عثروا على بقايا الكنيسة وعدد من الأعمدة، ويضم المتحف أيضا صورا للكنيسة قبل عمليات الترميم وخلالها وبعدها.

ويعرض المتحف مجموعة من القطع الأثرية التي جُمعت من المنطقة، كالجرار الفخارية، وأدوات الزينة المعدنية، والحجارة التي كانت تُستخدم لتحديد المسافات في الحقبة الرومانية، وصور للفسيفساء، وأخرى للنقوش اليونانية التي عُثر عليها في الكنائس والأديرة التي أقيمت بالجبل.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*