يكتبه: د. رجب العويسي|
عززت أحداث غزة وفلسطين وما كشفت عنه من حقائق ومعطيات وتباينات، وعي المواطن العماني بالكثير من الممارسات والأفكار والتوجهات وبشكل خاص الاقتصادية والسياحية، وجددت الدعوة إلى ضرورة تقييم المسارات الاقتصادية والسياحية في سلطنة عُمان.
لقد مارس المواطن العماني أدوارا مهمة في قراءة هذه الاحداث وبشكل خاص ما يتعلق منها بالسياحة، وبعدها الاقتصادي الذي تجلى في مقاطعة البضائع والسلع والمنتجات المصنعة أو المستوردة أو المعبأة أو المعاد تصديرها من الكيان الصهيوني أو غيرها من الدول والشركات والماركات العالمية والاقليمية وكذلك المحلات والمراكز التجارية والكافيات داخل السلطنة الداعمة للكيان الصهيوني، أينما وجدت وبأي منتج لها، أما الامر الآخر فيتعلق بالبعد السياحي ذاته وعبر تعظيم صناعة المواطنة السياحية من خلال توجيه الاهتمام بالسياحة الداخلية واستغلال الإجازات الوطنية والدينية والاسبوعية وغيرها في التنقل والاستجمام والترويح في سلطنة عُمان، الأمر الذي قلل بشكل كبير من سياحة العمانيين إلى الخارج كأحد المؤشرات التي أفصحت عنها اجازة العيد الوطني الثالث والخمسين المجيد.
وبالتالي استشعار المواطن العماني ووعيه بمسؤولياته وإدراكه لأهمية المسار السياحي كسلاح فعال في المقاطعة لا يقل أهمية عن المسار الاقتصادي بل يكملان بعضهما البعض، الأمر الذي يؤكد على أهمية أن تدرك السياحة العمانية هذا المسار وتعيد انتاج ذاتها وتصنع خيارات أوسع ومسارات أكثر جاذبية واحتواء للأسر والافراد، ما يعني أن على وزارة التراث والسياحة في ظل اختصاصاتها أن تعيد تقييم هذا المسار وتتبني أدوات واليات وبرامج وموجهات واكتشاف بيئات ووجهات وإنتاج نماذج سياحية أكثر جاذبية واستيعابا للسياح المواطنين والمقيمين.
أخيرا، فإن الدور المعقود على مستقبل السياحة العمانية أكبر من اختصاره في مقال، فكما نؤكد على وجوب أن نصنع غذاءنا بأنفسنا ( الأمن الغذائي)؛ فإننا أيضا بحاجة إلى أن تكون سياحتنا في بلادنا، وهذا الامر يؤكد على أهمية تقييم كل الجهود والاتفاقيات السياحية، ومن ذلك التأشيرة السياحية الموحدة بين دول المجلس التي تمكن الزوّار من دخول هذه الدول ومنها سلطنة عُمان بتأشيرة واحدة، بالإضافة إلى مراجعة الإعفاء من التأشيرات السياحية لبعض الدول الذي تم اقراره في خطة التوازن المالي وبشكل خاص لمواطني الدول الداعمة للكيان الصهيوني، لما تشكله السياحة اليوم من خط أمان استراتيجي (الأمن السياحي) للمحافظة على السمت والخصوصية العمانية وبما يتناغم مع مصالح سلطنة عُمان وأمنها الوطني.