مقال| زحمة يا دنيا زحمة

يكتبه: حمدان البادي| 

 جاءت إجازة العيد الوطني هذا العام في وقت أبكر من المعتاد وتزامنت مع الرواتب، يومين للوطن قضيناها في الوطن وفيها أعادنا استكشاف بعض المرافق السياحية وكأننا نزورها لأول مرة. 

كانت فلسطين حاضرة مع الجميع، عبر الكوفية التي ترى الأغلب يرتدونها، وأعلام فلسطين التي ترفرف في كل مكان، لذا لا عجب إن رأيت علم فلسطين يرفرف عاليا في أحد المنازل أو يطوف حارات نزوى على “دباب” دراجة نارية يقوم صاحبها في نقل السياح بين معالم الحارات.

 شخصيا لم أستطع أن أتجاوز فيديو “ريم روح الروح” الذي انتشر في الإجازة وكأنه جاء ليذكرنا بآلاف الأطفال من غزة الذين قتلوا من دون ذنب وكنت أعزي النفس إنهم في الجنة بين يدى الرحمن الرحيم، لم أستطع تجاوزه وأنا أحاول أن أعيد شحذ همم بناتي الياسمين وسما بفسحة من الترفيه في منتصف الفصل الدراسي الأول، وقد حرصت مدرستهم على أن يغادر الطلاب مدرستهم بدون حقيبة ليتسنى لهم قضاء إجازة بدون أي تكليف أو واجبات مدرسية. 

 لذا كان الوضع في فلسطين يلقي بثقله علينا وأظن ان الجميع مثلي، وكذلك الزحمة التي تصدرت المشهد وكانت العنوان الأبرز للإجازة، وهذا طبيعي لما تحدثه الإجازات الرسمية القصيرة المتوقعة من استنفار كامل على المستوى المحلي، والزحمة التي ينشدها البعض تصبح مزعجة للطرف الآخر، وأنا من الذين تزعجهم طوابير الانتظار الطويلة. ولأن إجازتنا في ربوع بلادنا نتصرف على طبيعتنا ونتجاهل التخطيط والتفاصيل الصغيرة، ونخسر الكثير من الوقت لأننا ببساطة لم نخطط كأفراد بشكل جيد، ونعتقد أن الأماكن هي الأماكن وقد أعتدنا السير في دروبها، لكنها سرعان ما تذهلنا بتجددها. 

شخصيا أذهلتني نزوى وحاراتها التي تنهض من جديد بهمم شبابها، مع أنني أزورها باستمرار وفي كل مرة اجدها مختلفة ، واحدة من التجارب الملهمة بالنسبة لي تناول وجبة العشاء في أحد مقاهي الحارة التي تجمع بين النمط الحديث والكلاسيكي وبإدارة عمانية فيها جيلين من الشباب يعزز من ثقافة إدارة المشاريع والقيام عليها وللأمانة كانت التجربة رائعة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

وإذا كان من كلمة يمكن أن تقال في هذا المقال هو أتمنى أن يتم الإعلان في وقت مبكر عن إجازة العيد الوطني – مع أن المرسوم السلطاني حددها بوضوح فقد جرت العادة على تعديلها وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة وهذا ما أشار إليه المرسوم- ولأن وضع إجازة العيد الوطني لا يحسم بوقت مبكر فإن من شأن ذلك أن يحول بالنسبة لنا كأفراد من دون التخطيط الجيد للإجازة، أما بالنسبة للتجار والمستثمرين ورواد الأعمال فقد لا يتمكنا من الاستعداد بمناشطهم وعروضهم المختلفة لاستقبال السياح بالكثافة المتوقعة في المناطق التي تشكل جذب سياحي، خاصة أن بعض الأعمال تتطلب ترتيبات مسبقة وتصاريح وحجوزات وغيره من اللوجستيات.

 ومن جانب آخر، فان الجانب الإيجابي من الإعلان المتأخر قد يلزم السياح بقضاء الإجازة في سلطنة عُمان ويمنح للأماكن حياة، وهذا ما لاحظناه حيث تزدحم الشوارع بالعابرين بين الولايات وكأن الأمر أشبه “بزفة عرس” وهذا مؤشر طيب ينشّط الحركة السياحية والاقتصادية في الولايات العمانية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*