بقلم : حمود بن سالم السيابي
كل الأنهار منبعها الأرض إلا أنت ميزاب من السماء.
وكل الأنهار تجري كَدِرَةً ومعها غثاء السيول والوحول إلا أنت، تنساب زلالا كالزمرد وصافيا كالبللور .
وكل الأنهار إمّا غاضبة فتجرف الأخضر واليابس، أو محبطة فتفقد فيها السفائن شهية الإبحار .
ووحدك يا دربات غيمة مشدودة بقلائد من ثلج، وسلاسل من عطر، فترتعش أمواجك كلما خفق قلب او تثاءب طفل .
إلى سحرك تشد النساء الرحال ليستلهمن من زمردك وفيروزك ألوان الخواتم والأقراط وحقائب اليد وفساتين المناسبات.
وكل الصبايا يقفن عند حواجب ضفافك فتتورد الوجوه وتتمايل القدود على صفحتك كأفضل المرايا في إظهار الملامح والتقاطيع.
وكل الرجال يتسابقون إلى ضفافك ليغسلوا تعب الأيام فتشحنهم أملا وفألا وأمنيات.
إلى صمتك وأنت تجري، جاء جمعان ديوان يسمعك ” ياشجرة الهيل ” فترتعش على أبياتها صبايا إرَمْ وحِمْيَر يؤدين الربوبة والمشعير.
وإلى همس موجاتك جاء سالم بخيت المعشني يغمس أهدابه ليكتب مقاطع لهبوت المدن والأرياف فتخرج مواكب المنجويين والحبوضيين وهامات الجبل والسهل .
وجاءك من مرابع عامر ابن صعصعة الإذاعي الكبير ذياب العامري ينشدك :
” دربات إن شط بي قول فمعذرة
إن المعنى بأمر الحب معذور “
وإلى سحرك الاستثنائي أسرج عوض بخيت العمري قصائده فشعشع النانا والدبرات والبرعة والوياد .
وفي فيروزك جدّف حسن الرواس في ” إبحاره الأخير ” نحو ” مرفأ الوعد “.
وفيك انسابت قصائد علي حاردان في ” إبحاره إلى ضلكوت .
واليك خبت نياق سعيد الشعشعي من ثمريت ومعها قمر الصحراء وطلع نخيل هيلة الراكة .
وفي نشيج جريانك يسري حداء سالم علي سعيد وحبريش ومسلم علي عبدالكريم .
وإليك جئت يا دربات أغمس أهدابي لأكتب ، فتنسيني زرقتك الكتابة فتتكسر الأقلام ، وتتساقط الأهداب .
دربات أنت لست ككل الأنهار ، فهي منبعها الأرض ، وانت منبعك السماء .
———–
دربات في ٢٣ / ٧ / ٢٠١٦