مقال| أعراس آمنة 

يكتبه: حمدان البادي|

 “الذي يجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم، نزغرد حتى لا نجعله يحس لحظة أنه هزمنا وإن عشنا، سأذكرك أننا سنبكي كثيرا بعد أن نتحرر”. هذه هي روح آمنة وكل أهل غزة في رواية أعراس آمنة لإبراهيم نصرالله حيث سألت رنده/لميس بطلة الرواية: عن مصير الحكايات الفلسطينية التي لم تكتب؟ . وكان جوابها إنها تصبح مُلكا لأعدائنا.

 لهذا السبب روى الفلسطينيون قصصهم بأكثر من شكل، لتكون شاهداً على الإنسان الفلسطيني وصوته للعالم وداعم له في نضاله من أجل الإنسانية والوطن والحرية والسلام لأن “على فلسطين ما يستحق الحياة، أم البدايات أم النهايات كانت تسمى فلسطين صارت تسمى فلسطين “.

 وقد أخذتنا أسماء كبيرة مثل سميح القاسم وغسان كنفاني وإدوارد سعيد ومحمود درويش وحنظلة ناجي العلي وعشرات الأسماء التي قرأنا لها ولم نقرأ، أخذتنا إلى التفاصيل الصغيرة في فلسطين ، حيث سافرنا مع مريد البرغوثي إلى رام الله وعشنا حكاية الصمود والبقاء مع إلياس خوري في مدينة اللد عبر رواية “أولاد الغيتو “، وقرأنا تفاصيل حياة آمنه وجاراتها الغزاويات في رواية ” أعراس آمنة” ضمن سلسلة الملهاة الفلسطينية وبالتحديد في روايات “زمن الخيول البيضاء” “وزيتون الشوارع” وقناديل ملك الخليل” وغيرها من روايات السلسلة مع الشاعر والروائي إبراهيم نصرالله والتي “تغطي 240 عاما من التاريخ الفلسطيني الحديث من نهايات القرن السابع عشر حتى ما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية” كما جاء في مقدمة الروايات. 

 وقبل هذا سافرنا مع جبرا إبراهيم جبرا إلى “البئر الأولى” وسيرته الذاتية في شوارع وأحياء بيت لحم والقدس في عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن الماضي ” البئر التي توجد في كل بيت ومنحت لفلسطين الحياة عبر العصور” عشنا في فلسطين عبر هذا الحضور وهذا السفر وارتباطنا بالمكان ونحن نستمع إلى أبناء الأرض، ولنا في كل حي قصة، وأسم كبرنا معه وهو يعيد تقديم معنى أجمل للحياة بوجود هدف وقضية ناضل من أجلها “ففي هذه الأوراق من الحياة- رغم كل الموت الموجود فيها ما يكفي لأن يجعلك تنفض الموت عنك ” فقد ذهبت آمنة لمستشفى الشفاء لعلها تتعرف على الشهيد لتجد عشر نساء جئن لنفس الهدف وكل واحدة قالت إن الشهيد يخصها.

 فلسطين وجهتنا التي ترحل إليها عيوننا كل حين نستكشف المدن والمخيمات نلعن الصهاينة في مستوطناتهم ونعود بالمدن إلى أسمائها التي شوهت في ذاكرتنا بدءا من كتاب الأطلس المدرسي العربي الذي يعرفها بفلسطين المحتلة مرورا ببعض التسميات التي تريد طمس الهوية والأسماء الأصلية للمدن لذا لا عجب أن رسخت الآلة الإعلامية كل هذا التشظي الذي يعزز من حضور الكيان الصهيوني ” وهذا ما أشار له الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي” حتى تتم خسارة فلسطين كأرض، كان لا بد من خسارتها ككلمة، وإذا كان غربي البلاد يسمى الآن “إسرائيل” وشرقيها يسمى “الضفة الغربية”، فأين هي فلسطين؟”. وهو يحاول أن يثبت أنه شاعر فلسطيني وأكبر من إسرائيل بأربعة أعوام مات قبيل أن يشهد يوم السابع من أكتوبر وكيف كسرت المقاومة قيودها وعرت الكيان الصهيوني أمام شعوب العالم ودفعت بهم لإعادة قراءة التاريخ واكتشاف الحقائق التي حاول الكيان الصهيوني وحلفاءه من طمسها بهدف طمس الهوية الفلسطينية التي ” لا يعترف حتى فيسبوك بوجودها” كما قال البرغوثي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*