مسقط-وجهات | تقدم فرقة أوبرا فيينا الوطنية، والتي قد تكون أهم فرقة أوبرالية في العالم، عرض (فيرتر) للمؤلف الموسيقي الفرنسي الشهير جولز ماسينيه، المأخوذة عن رواية الشاعر الألماني الشهير جوته التي كان عنوانها الأصلي (آلام الشاب فيرتر). هذه الأوبرا الرومانسية المذهلة ستقدم على مدار ليلتين بدار الأوبرا السلطانية مسقط يومي الخميس 14 و السبت 16 إبريل الجاري، في السابعة والنصف مساء.
نُشرت رواية (آلام الشاب فيرتر) لجوته لأول مرة عام 1774، وأعيدت طباعتها في نسخة منقحة عام 1787. هذه الرواية العاطفية المؤثرة تدور حول قصة حب بلا مقابل يعيشها الشاب الفنان فيرتر، الذي يسرد قصته على هيئة رسائل يكتبها لصديقه ويلهيلم. كان حب فيرتر ميؤوسا منه، لأن عاطفته قد أخذته نحو شارلوت؛ الزوجة المخلصة لصديقه المقرب. الرواية هي سيرة ذاتية محورّة لمؤلفها جوته. كان عمر جوته عندما كتب الرواية 24 عاما فقط، وقد كتبها في 6 أسابيع من الكتابة المكثفة. وسرعان ما وضعت الرواية كاتبها في مصاف كبار كتاب أوروبا في عهده. وبسبب الطبيعة العاطفية للرواية والتي تترك أثرا قويا في نفس القارئ، سرعان ما ظهرت ظاهرة في أوروبا سميت بـ (حمّى فيرتر)، حيث الكل يتحدث عن الرواية، بل وأصبح الناس يرتدون الملابس التي ارتداها فيرتر في الرواية، المكونة من اللونين الأزرق والاصفر. ليس غريبا إذن أن تتحول الرواية إلى عدة معالجات للمسرح والأوبرا والباليه، ولاحقا إلى السينما، ولكن تبقى المعالجة الموسيقية الأكثر إذهالا هي معالجة المؤلف الموسيقي الفرنسي جولز ماسينيه للرواية على هيئة أوبرا.
انتهى ماسينيه من تأليف موسيقى هذه الأوبرا عام 1887، وقد استغرقه العمل عليها أكثر من سنتين. ماسينيه مؤلف موسيقيّ رومانسي هو الآخر، ولذا كانت روحه قريبة من روح جوته مؤلف الرواية. وقد كتب جوته روايته ضمن ما أصبح يعرف تاريخيا في الأدب الألماني بمرحلة (العاطفة والاندفاع)، وهي موجة أدبية تجسد ذروة الرومانسية في الأدب الألماني امتدت بين 1767 و 1785. هذه الروح المتألمة، الشفافة والمؤثرة حملتها موسيقى ماسينيه في أوبرا (فيرتر)، إذ تعتبر هذه الأوبرا واحدة من أهم أوبرات المرحلة الرومانسية في تاريخ الأوبرا الفرنسية. وبالنسبة لمؤلفها ماسينيه، فهي واحدة من أوبراتين اثنتين شهيرتين جدا له، هما فيرتر و مانون.
تتضمن أبوبرا (فيرتر) أغنيتين من أشهر أغاني الأوبرا، الأولى هي (اذهب! دع دموعي تنهمر) والتي ستغنيها الميزو سوبرانو التي تلعب دور شارلوت. وأغنية (لماذا أيقظتيني الآن؟) التي سيغنيها التينور الذي يلعب دور فيرتر. ترفع هاتان الأغنيتان قيمة العمل بسبب الجرعة العاطفية وكمية الشجن التي لُحّنت بهما هاتين الأغنيتين.
مما يضاعف تأثير نسخة أوبرا (فيرتر) التي ستعرضها دار الأوبرا السلطانية مسقط هو أنها ستقدمها فرقة أوبرا فيينا الوطنية. تعتبر فيينا هي الرحم الأول للموسيقى الكلاسيكية، وفي مسارحها قدم مؤلفون كبارا روائعهم أمثال بيتهوفن و موزارت. تعزف العمل أوركسترا فيينا الفيلهارمونية التابعة لأوبرا فيينا الوطنية، وهي أوركسترا تشتهر بمهرجانها الموسيقي السنوي الذي ينعقد مطلع كل عام ميلادي جديد. هذا المهرجان يبث حيا على الهواء سنويا وتعرضه في نفس الأوان تليفزيونات أوروبية عدة ويشاهده ملايين من الناس حول العالم. إن تضافر الحكاية المؤثرة، والموسيقى الخلاقة، والفرقة البارعة، والمؤدين المهرة، يجعل من أوبرا (فيرتر) بدار الأوبرا السلطانية مسقط تجربة لا ينبغي تفويتها.