يكتبه: د. رجب العويسي|
تمثّل المهرجانات السياحية بيئات مصغرة لممارسة قيم المجتمع العماني ومدخلاته، فالتسامح والحوار واحترام الغير والتعايش والاعتراف بالآخر والمشترك القيمي والمؤتلف الإنساني والمحافظة على ثوابت المجتمع وصون خصوصيات وثوابت الثقافة العمانية الأصيلة في تسامحها وعلاقات حسن الجوار التي أوجدتها واهتمامها بالعمل والإنتاج وتحمل المسؤولية، مرتكزات لترسيخ قيم الولاء والانتماء للمنجز الحضاري العماني.
ويشكّل حضور البعد الثقافي في هذه المهرجانات بمختلف أشكالها ونماذجها وطرائقها، فرصة لحشد الجهود المجتمعية الفردية والمؤسسية والقطاعين الحكومي والخاص في تعظيم مفردات الثقافة العمانية الواسعة وتفاصيلها الدقيقة لنمو أفضل الممارسات الوطنية وأكثرها احترافية وتأثيراً في سلوك النشء، بحيث تأخذ في الاعتبار الخصوصية الثقافية في الولايات والذوق العام والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية وظروف المعيشة للحفاظ على التوازنات المجتمعية، مما يعني أن تأخذ منهجية التوسع فيها مستقبلا لتشمل جميع ولايات سلطنة عُمان ومحافظاتها شكلاً أكثر اتساعاً وعمقا، يراعي الميزة التنافسية وتنوع المتغيرات.
وبالتالي الدور التسويقي للمهرجانات السياحية في إعادة تشكيل الصورة الذهنية الإيجابية لدى النشء والمجتمع في معالجة إشكالية سوء الفهم والأحكام المسبقة وكومة التراكمات والتناقضات والأفكار السلبية التي يتم اسقاطها على فعاليات المهرجانات، وتعرف آلية التعامل معها في ظل متطلبات الإدارة الإلكترونية الذكية، بما يمنحهم فرصا أفضل في التعبير عن عمق ثقافتهم الوطنية بتجسيد صورتها الإيجابية في صفحاتهم عبر المنصات الرقمية وفي سلوكهم ومواقفهم اليومية، وتبني روح الثقافة والتراث في النفس والقناعة به كمدخل للتغيير الإيجابي، في إطار سلوك وطني يقوم على إتقانه المخلصون والمبدعون من أبناء الوطن وبناته.
وعندها تصبح المهرجانات السياحية فرصة لالتقاط الانفاس، وتقييم مستوى التكاملية والتنسيق في المبادرات والجهود الوطنية الموجهة نحو التسويق لمفردة الوطن في إطار التنوع في المكون الثقافي والتوسع في البدائل والخيارات المطروحة، عبر برامج وأنشطة عملية ومبادرات جادة ونماذج تطبيقية تذكي روح المنافسة وحس المسؤولية بين مختلف شرائح المجتمع من أطفال وشباب ورجال ونساء.
أخيرا، هل ستتجه جهود المحافظات في الموسم الشتوي القادم إلى تبني ثقافة المهرجانات السياحية كأحد الحلول والفرص المتزامنة مع احتفالات السلطنة بعيد النهضة الثاني والخمسين المجيد؟.