لندن – وكالات |
تدفق محبو الملكة إليزابيث الثانية، بأعداد غفيرة، السبت، على العاصمة البريطانية لندن، لحضور جنازة فقيدة المملكة المتحدة، غدا الاثنين، في حدث قد لا يتكرر في حياة الكثيرين منهم.
وتشهد لندن ازدحاما غير معهود بالزوار أتوا من أماكن بعيدة مثل الولايات المتحدة والهند، مما قد يعطي دفعا للشركات هناك في وقت يواجه الاقتصاد البريطاني أزمة يغذيها أعلى معدل تضخم في أربعة عقود والتنبؤات بركود يلوح في الأفق.
وقال كاناكانت بينديكت، وهو من الهند، جاء لحضور الجنازة مع زوجته: “هذا هو التاريخ، كما تعلمون، هذا يحدث مرة واحدة في العمر” وتابع بعدما أكد أنه شاهد نعش الملكة “أعتقد أننا أصبحنا جزءًا من هذا التاريخ”.
وأكدت الحشود المتوافدة على لندن، والتي بدأت حتى قبل بدأ مراسم نقل الجثمان اهتمام سكان العالم بالملكة البريطانية الأطول حكما على رأس المملكة المتحدة، وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس.
ويمكن أن تصل مستويات إشغال الفنادق إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بنسبة 95٪، وفقًا لمنصة الحجز “هوتل بلانر” ومقرها لندن.
تعليقا على ذلك، قال توماس إيمانويل، مدير في شركة تحليل الفنادق: “هذا ليس مفاجئا لأن عيون العالم تتجه إلى العاصمة البريطانية بما في ذلك وسائل الإعلام وكبار الشخصيات والجمهور.”
من جانبه، قال رياض بدار، مدير أحد دور الاستقبال، إنه تم حجز جميع الغرف الـ 35 في فندق كوربيجو ذي النجمتين في حي فيكتوريا بلندن، بالقرب من قصر باكنغهام.
وأضاف: “في الوقت الحاضر، تمتلئ الغرف في هذه المنطقة، ليس فقط في فندقنا ولكن حول جميع الفنادق في هذه المنطقة”.
وقرب نهر التايمز، كان مقهى ريفرسايد القريب من خط ممتد من الناس أتوا لإلقاء نظرة أخيرة على نعش الملكة، “مشغولا للغاية” وفق تعبير مديره.
وقال زاب إستانيك، المدير، إنه اضطر لفتح المقهى قبل ساعتين من المعتاد، في الساعة 7 صباحا، لاستيعاب الطلب المتزايد.
على الطريق أيضا كان كشك الطعام الخاص بجيسون ريتش، Fed By Plants، مليئا بالزبائن.
وقال ريتش: “لدي قائمة انتظار طويلة (..) بالتأكيد كان للجنازة دفعة جيدة في الأعمال التجارية”.
وقال الأستاذ الجامعي تشاد بروتون، 51 عاما، الذي يزور لندن قادما من شيكاغو مع صديقين، إن غرفته بالفندق في حي كوفنت غاردن المزدحم بالسياحة كان غاليا عند 456 دولارا في الليلة.
لكن الرحلة إلى لندن كانت فريدة من نوعها، وفقه.
وقال: “عند رؤية كل هؤلاء الأشخاص يقفون في طوابير، والشعور المصاحب لهذا، ستدرك مدى أهمية ذلك بالنسبة للناس هنا”.
وأثار رحيل إليزابيث الثانية التي تحظى بشعبية كبيرة بعد فترة حكم استمرّت أكثر من 70 عاما، حزنا شديدا في المملكة المتحدة.
وبعد ليلة باردة، كان طابور الانتظار لرؤية نعشها صباح السبت يمتدّ لمسافة كيلومترات على طول نهر تيمز وقدّرت الحكومة فترة الانتظار بـ”24 ساعة على الأقلّ”.
وكشفت وكالة فرانس برس نقلا عن مسؤولين في قطاع النقل في لندن، “قد يقف نحو 750 ألف شخص في طابور الانتظار لرؤية النعش”.
ولدى الحشود حتى الساعة السادسة والنصف من صباح الاثنين (05:30 توقيت غرينيتش) لإلقاء نظرة الوداع على الملكة.
وشكلت ليلة الجمعة لحظة مهمّة إذ وقف الأبناء الأربعة للملكة، تشارلز وآن وأندرو وإدوارد، لمدة ربع ساعة إلى جانب نعش والدتهم، كما سبق أن فعلوا في إدنبره.
واحتلّت صورة الأبناء الأربعة وهم يرتدون الزيّ العسكريّ ويقفون أمام النعش ورؤوسهم منحنية، في وقت كانت الحشود تتقاطر إلى قاعة ويستمنستر في البرلمان، الصفحات الأولى في عدد كبير من الصحف البريطانية السبت.
لهذه المناسبة، سُمح لأندرو الذي حُرم من معظم ألقابه العسكرية بعد فضيحة جنسية، بارتداء الزيّ.
ويُفترض أن يأتي الأحفاد الثمانية للملكة أيضًا مساء السبت لوداعها.
في حادثة نادرة خلال مراسم جنازة غالبًا ما تُقام بشكل منظم وهادئ في بريطانيا، أوقف رجل مساء الجمعة بعدما خرج من الطابور واقترب من النعش، وفق ما أفادت السلطات.
وبحسب أرقام جهاز الإسعاف في لندن، تمّت معالجة 435 شخصًا كانوا يقفون في طابور الانتظار أو في جواره في اليومين الأخيرين، معظمهم بسبب حالات إغماء.
وكان بين الحشود الجمعة، نجم كرة القدم السابق الانكليزي ديفيد بيكهام الذي بدا متأثرا أمام نعش الملكة التي توفيت في الثامن من سبتمبر في قصر بالمورال في اسكتلندا.
وقال لدى خروجه “نحن جميعا هنا لشكر جلالتها لأنها كانت لطيفة إلى هذه الدرجة وحنونة ومطمئنة على مدى السنوات”.
وتوجّهت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أردرن التي كانت ترتدي اللون الأسود، إلى قصر ويستمنستر لرؤية النعش الملفوف بالراية الملكية وقد وُضع عليه التاج الملكي.
ويُتوقع أن يحضر ممثلون عن دول الكومنولث الـ14 السبت لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الملكة.
وصباح الاثنين، سيُنقل الجثمان ضمن مسيرة إلى كنيسة ويستمنستر حيث ستُقام مراسم الدفن عند الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش. وستكون الجنازة الرسمية الأولى منذ وفاة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل العام 1965.
ووُجهت دعوة لحضور الجنازة إلى ألفَي شخصية بينهم المئات من قادة العالم وملوك، بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين والإمبراطور الياباني ناروهيتو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.