يكتبه: محمود النشيط|
*إعلامي بحريني
شكل التواصل بين البوسنة والعالم الخارجي خلال الأعوام الماضية فرصة كبيرة لأن يكون هذا البلد وجهة على قائمة الدول المفضلة للسياحة الصيفية، وشكل التحرك الدبلوماسي من زمن الرئيس الراحل علي عزت بجوفيتش في الانفتاح على الدول الإسلامية والأوروبية نقطة مهمة جعل العالم يعرف هذا البلد بصورة سياحية مختلفة.
إلى فترة قريبة كان يعرف عن البوسنة ما تنقله الشاشة الصغيرة من مناظر حرب الشوارع والتطهير العرقي والمقابر الجماعية جراء القصف العشوائي الذي لم تسلم منه مدارس الصغار ولا الأسواق بل حتى طال دور العبادة والمستشفيات وتناقلت وسائل الإعلام الأخرى أبشع المجازر التي أرتكبت بلا رحمة إنسانية ضد شعباً أعزل أنتصر أخيراً بفضل تكاتفه والمقاومة داخلياً والضغط الدولي خارجياً.
العهد الماضي من الحروب مواقعها شاهدة اليوم بالقرب من المدينة القديمة، والجسر الذي أغتيل عليه ولي عهد النمسا لتنطلق بعد ذلك الحرب العالمية أصبح معلماً على جدول البرامج السياحية للأفراد والجماعات. وهو المكان ذاته في العهد الحديث الذي يوثق مرارة الحرب عبر بقع حمراء في الشوارع تخبر المارة بقصص مأساوية توثقها الشوارع في أكثر من مدينة.
مخلفات الحرب تحولت مواقع استثمار سياحي، وأصبح نفق الأمل في منزل العجوز المحاذي للمطار مقصداً مهماً يستطيع السياح الدخول في جزء من النفق الذي حفر أثناء الحرب ويمتد تحت مدرج المطار ليبعث الحياة للمحاصرين من قبل الصرب الذين منعوا الغذاء والدواء عن البوسنيين لأشهر طويلة حتى استطاعوا المقاومة لحين انتهاء الحرب ويكشف عن أحد أبرز دعائم النصر التي فاجأت العالم عند الكشف عنها.
التجهيزات المتواضعة الموجودة في هذا المنزل الصغير بمساحته الكبيرة بما أحتواه ما زالت جدرانه الخارجية لم تمس وبقت ثقوب الرصاص كما هي رغم تجديد كل البيوت التي حوله. وتحولت الغرف إلى مكان لعرض الصور خلال مرحلة الحفر والحرب والأشخاص الذين اشتركوا في هذا العمل، وبعض المقتنيات الأصلية أو الرسائل الخطية والمجسمات التي تسهل على الزوار الغوص في سنوات المعاناة في ساعة جولة أو مشاهدة فلم قصير في جانب من المنزل.
الترويج السياحي للبوسنة من قبل الجهات الرسمية خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، والوطن العربي بشكل عام محدود ومتواضع جداً مع العلم بأن السفراء البوسنيين لهم تواجد في كل الدول ولكن زملائهم في الدول الأخرى أتوقع أكثر تحركاً كما أكد لي بعض السياح من أوروبا وشرق آسيا تحديداً.
السياحة البوسنية تحتاج مجهود مضاعف للتعريف بها وما هو عليه متواضع بعض الشي لأن لازال السائح العربي تحديداً يطمح للكثير من الأمور ليست في الفنادق والمنتجعات فقط، وإنما في الخدمات المساندة أيضاً ابتداءا من الكبار حتى الصغار مع مراعاة العادات والتقاليد الإسلامية ومنها موضوع الطهارة في الحمامات.