يكتبه: د. رجب العويسي|
في أروقة التعليم ومؤسساته، وبعد إجازة صيفية طويلة قضاها الطلبة بين أسرهم، وعودة حميدة لعام دراسي جديد، وفي أول يوم دراسي، يطرح المعلم على طلبته تساؤله المعتاد الذي يحمل الهاجس والطموح في الوقت ذاته.. أين سافرتم في الاجازة الصيفية؟. وكأن الإجازة الصيفية لا تحلو إلا بسفرة خارج الوطن، وحتى عندما يأتي الرد بأن سفرنا كان في بلدنا عمان، فإنها إنما تقال على استحياء، وحس الشعور بالاستياء؟.
حقيقة رغم أنها مؤلمة، إلا أن الإجابات كانت متوقعة والاسئلة كذلك، والسؤال لماذا كانت هذه النظرة غير التفاؤلية نحو السياحة الوطنية، وهل مشكلتنا السياحية تبدأ من التعليم، وبمعنى آخر هل المحتوى السياحي المقدم للطلبة قادرا على إيضاح صورة السياحة، واستنهاض الفرص السياحية المتاحة، وتبسيط طرق اكتشافها؟.
ما من شك بأن هذه القناعات التي تتولد لدى الأجيال، سيكون لها دورها في تشكيل شخصية المواطن السياحي في قادم الوقت، والصورة القاتمة التي يسقطها على السياحة الوطنية والأبعاد التي باتت تعكسها الذائقة السياحية الوطنية. إذ من المتوقع بعد هذه التساؤلات أن يتجه الحديث نحو وصف الواقع السياحي والمبررات والعوامل التي باتت تقف خلف هذه الصورة، وحجم المعاناة التي يواجهها السائح المواطن، رغم تنوع الفرص السياحية التي يمكن أن تعيد رسم خارطة السياحة في سلطنة عمان.
ومع الثقة بأنّ ما يثار من هواجس وشجون وطموحات، إنما يعبر عن واقع مشاهد وصورة سياحية متكررة، ليس التعليم لوحده من يعايشها، بل أن الواقع الاجتماعي برمته يصدح بهذه الحقيقة المؤلمة سواء في اللقاءات الاجتماعية والأسرية وحديث الأصدقاء، في إشارة إلى تدني مستوى الجودة في الخدمات السياحية، أو توفر الخدمات الأساسية مثل: دورات المياه، وانسيابية الوصول إلى الموقع السياحي أو وجود استراحات وأماكن للتخييم، أو ما تمنحه من خصوصية عائلية أو غيرها من المعطيات التي باتت تعيد أحداث هذه الصورة المتكررة في كل موسم سياحي، وتطرح على جهات الاختصاص مستوى الجدية والمصداقية في تقديم محتوى سياحي واقعي متكامل يؤسس لإحداث تحول حقيقي يبعث الحياة في السياحة العمانية.