دمشق – العمانية|
بعد رحلة عرض استمرّت ستة أشهر خصّصت لمعروضاته في القسم الكلاسيكي في المتحف الوطني في دمشق الذي يعدّ من أقدم متاحف المنطقة، اختتم اليوم معرض وفعاليات “يوم عُمان” الذي أطلقه المتحف الوطني في سلطنة عُمان في الأول من نوفمبر الماضي في إطار التعاون الثقافي والمتحفي مع المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا التي تشرف على إدارة (5) متاحف وطنية، وفق مذكرة التفاهم التي أُبرمت بمسقط في عام (2019م).
وحمل المعرض عنوان “إضاءات عن عُمان”، مسلّطًا الضوء على محطات بارزة في تاريخ عُمان عبر العصور منذ بزوغ فجر حضارة مجان في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وإبراز القواسم المشتركة التي جمعت البلدين منذ العصر الحديدي متمثلًا في مسالك اللبان التي امتدت من ظفار إلى تدمر وبصرى وحلب وغيرها من حواضر الشام وصولًا إلى بيزنطة، وإلى قيام الحضارة الإسلامية، وصولًا للعلاقات الثنائية المتميزة في وقتنا الحالي، إضافة إلى العديد من القطع التي تُبرز التنوع الثقافي، ومن بينها مجموعة مختارة من الأزياء التقليدية والحُلي وما يتعلّق بالصناعات الحرفية العُمانية التي تعدّ تجسيدًا ملموسًا للماضي والحاضر وتوثيقًا لمختلف أنماط الحياة وتعبّر عن القيم الثقافية التي تشتهر بها سلطنة عُمان، وكذلك ضمّ المعرض قطعًا من الفن التشكيلي أبرزت ملامح جمال اللغة العربية، وبراعة العُمانيين ودقتهم في مجال الخط العربي.
مبادرة وقال جمال بن حسن الموسوي الأمين العام للمتحف الوطني في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن “المتحف ومن خلال مشاركته بمعرض وفعاليات “يوم عُمان” بدمشق خلال الفترة من 1 نوفمبر 2021م حتى 1 مايو 2022م، كان له السبق في العودة ثقافيًّا إلى دمشق؛ كون هذا المعرض وما صاحبه من فعاليات أضحى أول مبادرة من نوعها تستضيفها الجمهورية العربية السورية الشقيقة منذ سنوات الأزمة، وهو ما يعكس عمق الروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، والمستوى النوعي للتعاون الثقافي والمتحفي بين المتحف الوطني ومتحف دمشق الوطني.
وأوضح أن المعرض هدف إلى تعريف الزائر السوري بالتجربة الحضارية العُمانية وعلى ملامح العلاقات التي تجمع البلدين الشقيقين المتجذرة بعمق التاريخ، ونتطلع إلى مزيدٍ من التعاون في المستقبل القريب.
رواج من جانبه، قال الدكتور محمد نظير عوض المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا إن معرض القطع الأثرية والتراثية العُمانية في المتحف الوطني في دمشق “إضاءات عن عُمان” لاقى رواجا واستحسانا كبيرين وكان هناك إقبال كبير على زيارته من قِبل الباحثين والأساتذة والطلاب والسوريين وأيضا المهتمين بالتاريخ العُماني”، موضحا أن “المعرض كان مهمًّا جدًّا وأُقيم في فترة استثنائية في الوقت والزمن واستقبلت القطع التي عرضت بحفاوة من قِبل الفنيين في المتحف الوطني السوري حيث لم يستقبل المتحف منذ سنوات طويلة قطعًا أثرية من خارج سوريا.
وأعلن في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية، أنه “تم الاتفاق مع الجانب العُماني على تمديد وجود هذه القطع التي يبلغ عددها 32 قطعة لـ6 أشهر أخرى، وسيتم نقلها لتُعرض في متحف حلب الوطني الذي يعدّ من أهم المتاحف في سوريا ويمتلك مجموعات مهمة للغاية عن تاريخ سوريا تعود لفترات إسلامية ورومانية ولفترات تعود إلى الألف الثالث والألف الرابع قبل الميلاد ولحضارات مهمة”.
اتفاقية وحول التعاون بين المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا، أشار الدكتور محمد نظير عوض إلى أنه “من خلال الاتفاقية التي أُبرمت منذ فترة بين الجانبين كانت هناك اتفاقية دعم تقني واتفاقية لترميم قطع أثرية سورية تضرّرت خلال الحرب، حيث أُرسلت أكثر من 175 قطعة أثرية إلى المتحف الوطني في سلطنة عُمان لترميمها، وتلك مبادرة رائعة واستثنائية من الأشقاء في السلطنة في مساندة الأثريين السوريين الذين يعملون على استرداد المواقع الثقافية التي تعرّضت لأضرار خلال الحرب، إضافة إلى أن هناك الكثير من التواصل وتبادل التقارير والخبرات الفنية في ترميم القطع السورية، وهو تعاون ثقافي مهم بين الجانبين يتطوَّر يومًا بعد يوم ونجري الكثير من التشاور لتوسيع آفاقه ومجالاته”.
ولفت إلى أن “من بين القطع الأثرية السورية التي أُرسِلت إلى عُمان للترميم قطعًا أثرية تدمرية تضرّرت خلال الحرب قام الجانب العُماني بالتعاون مع متحف الإرميتاج في سان بطرسبرج بروسيا بترميمها، حيث تشير التقارير التي أرسِلت إلى أن أعمال الترميم جرت بأعلى المعايير الدولية والعلمية والمنهجية المعمول بها عالميًّا، كما أن المتحف الوطني في سلطنة عُمان قدّم دعما تقنيا للمتحف الوطني في دمشق.
إبراز وتهدف مبادرة “يوم عُمان” التي أطلقها المتحف الوطني إلى إبراز الموروث الحضاري والتاريخي والثقافي والعلمي لسلطنة عُمان على المستويات الإقليمية والدولية والوصول إلى شريحة واسعة من الجمهور في الخارج، وتنظَّم على نحو سنوي في أحد المتاحف العالمية العريقة.
يُذكر أن هذه هي ثالث محطة للمبادرة المذكورة، فقد تم إطلاق أول مبادرة بعنوان “يوم عُمان” بمتحف الإرميتاج العريق بروسيا الاتحادية في عام (2018م)، ليُتوَّج هذا التعاون بتدشين قاعة تحمل اسم عُمان بقصر الشتاء القيصري في عام (2020م)، أما المحطة الثانية لهذه المبادرة فكانت المتحف الوطني للفنون الجميلة بجمهورية بيلاروس في عام (2019م)، حيث جاءت سلطنة عُمان ضيف شرف بمناسبة مرور (80) عامًا على افتتاح المتحف المذكور.