مقال| رمضان وخصوصية الثقافة السياحية

تكتبه:  خالصة العوفي|
 
أطل علينا شهر الرحمة والغفران بقلوب فرحة، يتسابق الصائمون لكسب الأجر وعمل الخير، ففيه تمحى السيئات وتكسب أضعاف الحسنات، تكثر موائد الرحمن، صناديق التبرعات وأعمال الخير، ينتظر المسلمون هذا الشهر المبارك لما له من قدسية خاصة، فهو شهر مليء بالنفحات الإيمانية والروحانية، شهر الخير والتقوى والإحسان، شهر العتق والغفران،  شهر البركات والصدقات، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، تستقبل الأسر والأصدقاء هذا الشهر الفضيل بتجمعات تحفها القلوب المملوءة بالمودة والألفة، وتظهر مدى فضل هذا الشهر ليس فقط كركن من العبادات، ولكن روحانيته تظهر القيم الإنسانية والفضائل والمكارم، والألفة والمحبة.

الكثير من الدول الإسلامية وبعض الجمعيات والأسر في الدول الأجنبية تستثمر هذا الشهر في إظهار روحانياته في إضفاء الحياة بالشوارع والمحلات والبيوت، وتظهر أهمية هذا الشهر بطريقة غير مباشرة للنشء الصغير الذي ينتظر قدومه بحفاوة، حيث يرى المساجد العامرة بالمصلين، الفوانيس والزينة المعلقة بالشوارع والمحلات، المسابقات والمناشط الرمضانية سواءً كانت الثقافية أو الترفيهية أو الرياضية، الأسواق المفتوحة لفترات متأخرة من الليل، المقاهي والمطاعم التي تتسابق بتقديم وجبات تتلاءم مع أذواق الناس وخصوصية شهر رمضان.

شهر رمضان علاوة على أنه شهر عبادة، أصبح استثمارا مهما في السياحة من خلال المناشط والفعاليات المصاحبة في جذب السياحة الداخلية أو حتى السياح من الخارج، يقصد الكثير من السياح المسلمين في شهر رمضان بعض الدول للاستمتاع بالأجواء الرمضانية المميزة من خلال الفعاليات والمناشط والحياة المفعمة بالحيوية التي تتزامن مع النفحات الدينية، والاستمتاع بتلك الأجواء بما يضفي خصوصية وروحانية هذا الشهر الفضيل بنفس تواقة.
التقاليد والعادات الرمضانية التي توارثتها الأجيال في سلطنة عُمان تبقى محط اهتمام الكثير من الزوار، وتبقى ثقافة تبحث عنها فئة من السياح الأجانب، إذا ما تم إحياؤها وبتنظيم وترويج سياحي كمدفع الإفطار وموائد الإفطار الجماعية في القرى التي تظهر أسلوب ونمط حياة القاطنين فيها، وأصناف الوجبات الرمضانية المتعددة التي تتسابق الأسر في تقديمها، كذلك فإن الشوارع والمحلات والفنادق المزينة بالأنوار والفوانيس والتي تظهر عبق الماضي ونور المستقبل معطرة بروائح البخور واللبان تضفي رونقاً يشد الزائر للعيش في جو مفعم بالحيوية، والمناشط الترفيهية والرياضية في إقامة الفعاليات والمسابقات الرياضية والتقليدية وفعاليات خاصة بالإنشاد والطبخ وغيرها، تضفي تفاعلاً ونشاطاً، كما أن للسائح المسلم شأن في مقصده للزيارة حيث المناشط الدينية التي يتم تنظيمها بإشراف من جهات حكومية في إدارة ندوات ومسابقات ومعارض ذات طابع ديني وثقافي وعلمي.

صناعة السياحة تخطيط استراتيجي مبني على مقومات وعلى ركائز تشترك فيه عناصر مساندة، وتجارب الدول تظهر لنا كيف أن الترويج السياحي كان وما زال أساس الاستثمار في هذا المجال، فعلى سبيل المثال تجربة مصر في السياحة الرمضانية فعالة، حيث يقصدها السياح للمناشط والفعاليات المصاحبة التي تتشارك فيها الأسر والجهات الحكومية وغير الحكومية في جعل الزائر مستمتعاً بتجربة قضاء زيارته هناك، مما أصبحت وجهة سياحة للكثيرين في شهر رمضان الفضيل، هذه التجربة ستكون رافداً مهماً لنا سياحياً إذا ما تم استثمارها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*