مقال| صالة القادمون

يكتبه: حمدان البادي|

في فترة زمنية معينة كنت أستمتع باستقبال الأصدقاء في المطارات وأذهب في وقت مبكر مع أي دعوة لاستقبال صديق عائد من السفر، أحب التأمل في وجوه المسافرين حيث يمكن للإنسان رؤية خليط من المشاعر والأحاسيس ولحظات الانتظار ومراقبة الشاشات. 
في صالة القادمين خليط من المشاعر ونحن بانتظار القادمين من السفر فرادى أو مجموعات لحظات هدوء قبل أن تبدأ الأبواب بالانزلاق ومعها العائدين من السفر بحركة بطيئة وهم يفتشون في اللافتات والوجوه التي جاءت لاستقبالهم وما أن يجدو ذويهم حتى يأخذونهم بالأحضان والقُبل في أحيان كثيرة ويكتفي البعض بالمصافحة باليد أو التلويح بها من بعيد في أحيان أخرى، أخمن أهمية المسافر ويصل الأمر للتحليل ومن جاء للاستقبال وفي بعض الأحيان نوع السفر وكمية الحقائب التي يحملها المسافر وهل اشترى هدايا.  
لا تخلو صالة القادمين أيضا من بعض المواقف الظريفة والغريبة خاصة لدى القادمين لاستقبال الأيدي العاملة لديهم، مشاعر من الفرح لمن وصل عامله أو عاملته بعد طول انتظار  أو استقبال فاتر وبارد من قبل البعض، والأجمل في كل هذا أولئك الذين يفتشون عن عاملة المنزل في أول حضور لها وفي الذهن صورتها كما وضعت في الجواز أو تلك الصورة التي أرسلتها لهم وهي بعمر أصغر ليتفاجأ بعد عناء البحث بأنها تبدو في الواقع أكبر مما في الصورة، أو أولئك القادمين من مسافات بعيدة لاستقبال ذويهم ولا يجدونهم والبعض منهم يكون قد تدبر أمره بعيدا عن كفيله الأصلي.
بعيداً عن التأمل كنت أشم ريحة السفر وأعيش لحظات المسافرين، وصل الأمر للشعور، كأني مسافر وما مسافر واتحدث عن ذلك بكل لهفة “بروح المطار” وأخذ وقتي في التلذذ بالكلمة قبل أن أكملها بـ ” استقبل فلان”، طبعا كان هذا في فترة زمنية وانتهت، حتى لا يأخذها الأصدقاء حجة لاستقبالهم في ساعات متأخرة من الليل.
لاحقا أتيحت لي فرص للسفر ومع كل وصول إلى وجهتي كنت أخرج لصالة القادمين وانا بشعور الماضي أفتش في وجوه المستقبلين وفي أحيان أخرى أتجنب النظر إلى وجوههم وقد أصبحت لدي عادة أن أخذ مكاني في زاوية كمن ينتظر شخصا لاستقباله في لحظة تأمل تطول وتقصر حسب ما يسمح به سماسرة السفر والسياحة الذين ينتشلونك من اللحظة بخدماتهم التي لا تنتهي.  

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*