يكتبه: د. رجب بن علي العويسي|
تؤدي الإحصاءات السياحية الكمية منها والنوعية دورا محوريا في توجيه بوصلة العمل السياحي، واعتماد فلسفة التطوير السياحي على حزمة متكاملة من البيانات والاحصائيات والمؤشرات السياحية التي تجسد رؤية السياحة في الواقع، والنزول بالمشروعات والبرامج والمبادرات السياحية إلى الأرض.
لقد أدركت السلطنة دور الإحصاء في منظومة التنمية، وعمل المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في مسيرته المهنية على تقديم منتج إحصائي متوازن في مختلف مجالات التنمية، ولعل المجال السياحي من اكثر المجالات حضورا في إصدارات المركز، ومع ذلك فإن التحدي الأكبر يكمن في تنشيط هذه الاحصائيات وإضافة الحياة فيها، سواء ما يتعلق منها بالإحصاء الكمي للسياحي أو المؤشرات السياحية وعمليات التحليل والمسوحات والتقارير، ونقلها من المجلدات والعرض في الأرفف، – التي قد لا يلجا إليها إلا الباحث العلمي والاكاديمي المتخصص- لتشكل مائدة سياحية أصيلة في إدارة المنظومة السياحية.
وبالتالي يلقى هذا التحدي على المركز دورا أكبر في إعادة مسار هذه الاحصائيات وانتاجها بشكل يتناغم مع موقع السياحة في رؤية عُمان 2040، ، وتبني سياسات تعلي من سقف الاستفادة القصوى منها من قبل الجهات المعنية بالسياحة بدون استثناء، بما يحد من حالة الاجتهادية والعشوائية التي ما زالت تمارس في بناء واقتراح المشروع السياحي، وابتعاد الأخير عن الواقع، أو حالة البطء والتأخر أو الانهاء التي باتت تعانيها قبل استكمالها أو وقوفها على أرض الواقع، لتصبح مساحة للهدر المالي، والفاقد السياحي المتكرر الذي اسهم في اتساع فجوة الواقع، وأزمة الثقة في الجهد السياحي المقدم.
وتبقى هذه المعطيات بحاجة اليوم إلى تبني سياسات أكثر استدامة وابتكارية في تحقيق الشفافية الإحصائية، بحيث يرافق الإحصاء الكمي مؤشرات سياحية تقرأ واقع السياحة الوطنية بكل تفاصيلها، وإيجاد منصات إعلامية تعمل على تفسير وتحليل وتعريف المجتمع بنتائج هذه الاحصائيات ومدلولاتها، ودور المنظومات المعنية بالسياحية، والتحديات التي تواجهها، ومدى كفاءة التشريعات المنظمة، وعقدة الإجراءات، والحوافز أو جملة الحزم التطويرية والتحسينية التي اعتمدتها الحكومة، وتقييم أثرها على كفاءة عمليات التطوير، بما يضع المؤسسات أمام سيناريوهات واضحة وخطط تطوير سياحي محكمة.