مقال| السياحة الدينية وتداعيات الجائحة


يكتبه: محمود النشيط|

إعلامي بحريني dailypr 

لم تسلم السياحة الدينية التي تمتاز بها بعض الدول وتعتبر عائداتها من الروافد الاقتصادية في الناتج المحلي من التراجع وتسجيل بعض الخسائر شأنها شأن القطاعات السياحية الأخرى في العالم، رغم إن هذا القطاع له مواسم معينة يحصد عوائد مالية كبيرة مقارنة بما تجنيه القطاعات الأخرى طيلة العام.

المملكة العربية السعودية برعايتها لخدمة الحرمين الشريفين تستقبل كل عام الملايين من الحجاج والمعتمرين وتجند لهم طاقات كبيرة وخدمية في كل الوزارات ولا تستثنى أي خطة تنموية في المملكة من الإشارة إلى عمليات التطور لتشمل كلاً من مكة المكرمة والمدينة المنورة التي أخذت في التوسع وأستقطاب الفنادق العالمية لتلبي زيادة الزوار السنوية مع أعمال تطويرية في البنية التحتية بلا توقف.

القرارات الأخيرة للحد من إنتشار الفيروس دعا السلطات السعودية على مدى عامين بأن يقتصر الحج على الداخل من مواطنين ومقيمين وزاد العدد هذا العام عن السابق، بينما فتح باب أستقبال المعتمرين لجميع مسلمي العالم من غير الدول الحمراء مما أوجد حالة من التفاؤل لعودة الحياة الطبيعية والتجارية وعودة الفنادق للعمل تدريجياً لما قبل الجائحة بعد أن أغلقت لأكثر من سنة ونصف إحترازياً.

صورة أخرى من الجمهورية العراقية التي تسقطب سنوياً وتشتد في ثلاثة أو أربعة مواسم بالعام تشهد إنتعاشاً كبيراً لاستقبال الزوار بالملايين عبر جميع منافذها لتحرك العجلة الاقتصادية لما يصرفه الزوار خلال هذه المواسم التي جعلت من عمليات التطوير والتشييد خلال العشرين سنة الماضية حركة مستمرة خاصة رغم التقلبات الأمنية بعد أن سمحت بدخول المستثمرين للمشاركة في هذه العملية بسبب الظروف الخاصة التي تمر بها البلاد.

ورغم أن البلد يعاني من زيادة حالة إنتشار الوباء ومدرج عالمياً على القائمة الحمراء، إلا أنها لم تأخذ التشديد بصرامة في عملية إغلاق المراقد وأكتفت بأمور الاحترازات مع تقليل ساعات استقبال الزوار في الأيام العادية ومفتوحة على مدار الساعة في ذروة الموسم الذي يقصده الزوار من مختلف دول العالم رغم تشديد إجراءات السفر مما كبد هذا البلد خسائر كبيرة في الوقت الذي هو بحاجة ماسة لما يعود عليه من هذه السياحة كل عام.

أما جارتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي هي أيضاً في ذات القائمة فقد أعلنت رسمياً أن السياحة الدينية في كل أرجاء البلاد تأثرت اقتصادياً، وأن مدينة مشهد التي تستقطب الملايين كل عام قد تحولت لمدينة موبؤة سجلت حالات مرتفعة من الوفيات جراء انتشار الوباء مما تطلب الأمر اتخاذ إجراءت صارمة في فرض الحجر الكلي وتدرج إلى الجزئي بعد إنخفاض الإصابات المسجلة رغم حث المواطنين على أخذ التطعيم وعمل الاحترازات بالتباعد الاجتماعي.

سياحة دينية أخرى لغير المسلمين في الهند والنيبال والصين والفتيكان وغيرها من دول العالم تأثرت كذلك بسبب الجائحة، ومن أصر وتحدى الجائحة بدعوة جماعته لإحياء المناسبات كما حدث في الهند تحدياً للوباء كانت النتيجة مدمرة وخلفت خسائر بالأرواح بالآلاف مهدداً المنظومة الصحية بالانهيار لولا المساعدات العاجلة التي تلقتها من بعض الدول المجاورة، وقد نشرت إحدى الصحف بأن خسارتهم هذا العام لم تقتصر على العوائد المالية وإنما طالت البشرية حتى أن بعض الأسر بأكملها تمكن الوباء من القضاء عليهم جميعاً.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*