يكتبه: د. رجب بن علي العويسي |
يبدو أن القراءات السطحية للسياحة الوطنية، وطريقة التفكير نحوها أحد التحديات التي باتت تقف اليوم في وجه تحقيق منجز سياحي يتفاعل معه المواطن، ويكسب ثقته واهتمامه به، فمن جهة يضع العائق المالي المشكلة الكبرى التي أوصلت السياحة الوطنية إلى هذا المستوى، وفي الوقت نفسه يفهم السياحة في سلسلة من المولات والمجمعات السياحية المغلقة التي تستنزف خزينة الدولة ومواردها وتستبيح مقدرات الوطن وشواطئه الجميلة.
في حين أن الحقيقة التي يعلمها ذوي الاختصاص ويفقه خيوطها المواطن، أن نجاح أي سياحة في العالم وقدرتها على الاستدامة، تنطلق من التفاصيل البسيطة التي يتكون منها الرصيد السياحي الداخلي، وما يحمله من فرص ومقومات، ونجاحات ومكتسبات، وقيم ومشتركات، وإعادة انتاجها وتطويرها بطريقة أكثر وابتكارية، وإضافة اللمسات الذوقية والجمالية عليها، مع توفير الخدمات الضرورية التي يحتاجها السائح، بما يتناغم مع معطيات الواقع الوطني ليصنع منها قوة قادمة تظهر في جدية الاهتمام، وكفاءة الإدارة، وجاهزية نظم الرقابة والمتابعة، حتى يكون التطوير متفقا مع الأهداف، مجسدا للطموحات، محققا للرغبات، متفاعلا مع التوقعات.
لذلك تأتي أهمية توسيع الخيارات السياحية، وتنويع البدائل المعززة لإنتاج الأنشطة السياحية، والإكثار من النماذج السياحية التي تستهوي السائح، وتشجيع المواطنين على تبني مبادرات سياحية في ظل ما تتميز به بعض ولايات السلطنة من بيئات سياحية طبيعية بحرية أو رملية، أو جبلية، أو مواقع سياحية متجددة، أو بيئات تراثية وبيوت أثرية وغيرها، بحيث يعاد رسم ملامحها بما يتفاعل مع بساطة الطبيعة، ويعيد انتاجها بطريقة ملهمة، تجسد روح التغيير في المنجز السياحي، وفتح المجال للقطاع الخاص والأهلي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتبحر فيه وتشارك في صناعته.
أخيراً، يبقى الاهتمام بالمكونات السياحية واستيعابها والإضافة عليها، وإعادة انتاجها بطريقة عصرية، الطريق الذي يصنع للسياحة الوطنية أفقها الواسع، الذي لا يحجّمها في مجمع سياحي، وبيئة مغلقة الأبواب إلا لفئة معينة، فالسياحة بفطرتها لا تعرف الحدود، كما أنها لا تعرف التصنع ولا تقبل التكلف، تصنعها بساطة التفاصيل، وخيوط التواصل والتناغم مع جماليات الطبيعة وعبق التراث، وتزينّها المشتركات الثقافية والجمالية في عوالم البشر المتعددة.