مقال| النزل التراثية رسالة التاريخ للسائح

يكتبه: محمود النشيط |

إعلامي بحريني  dailypr 

خلال سفرتي الأخيرة إلى مدينة مراكش المغربية، تم التخطيط مسبقاً على أن يكون السكن في هذه المدينة العريقة في أحد النزل التراثية، وسط الحارات الضيقة التي لا تصل إليها السيارات وتسكنها العائلات المغربية رغم قدمها في أجواء آمنة، تترك إنطباعاً جميلاً بطعم الحياة البسيطة التي ليس فيها تكلف، ولها طعم آخر مفعم بالسعادة وأنت تشاهد الجميع يعرف بعضه البعض.
على مدى أسبوع من الإقامة في النزل جمعتُ معلومات كثيرة عن تاريخ المبنى الذي يمتد لأكثر من 200 سنة، وخضع للترميم والتجديد عدة مرات، وهو مسجل رسمياً في وزارة السياحة المغربية، كما يمكن الحجز فيه عبر المواقع الإلكترونية العديدة، وأسعاره مناسبة جداً مقارنة بالخدمات المتواضعة الأساسية التي تقدم للساكنين من قبل أشخاص من أهل الحي أنفسهم رغم أن المستثمر للنزل من خارج مراكش.
النزل كان عبارة عن بيت كبير فيه أكثر من 20 غرفة بمساحات مختلفة في طابقين فقط، محافظة على هندستها الأندلسية العريقة من ناحية الزخارف والشبابيك وأبواب الغرف الخشبية، بألوانها الزاهية بين الأزرق والأخضر، كما أن الحمامات بألوانها البرتقالية والأصفر تشعرك بأنك في أحد قصور ألف ليلة وليلة، أما وسط النزل فكان مكان تناول الفطور على طاولات قديمة جداً من النحاس وسط نخيل المغرب شاهقة الإرتفاع مع أنواع متعددة من الأشجار المثمرة والورود بألوانها الجميلة مع صوت الماء في النافورة التي تتوسط المكان وحولها جلسات شعبية من التراث المراكشي الخاص.
كانت إقامتي في النزل هي الأطول من حيث عدد الليالي، بينما تعرفتُ على أشخاص مقيمين معنا من عدة جنسيات أوروبية وأفريقية يقضون ليلة أو ليلتين بحد أقصى في كل نزل خلال رحلاتهم السريعة من أجل الاستمتاع والتعرف على التاريخ التراثي للمنطقة، وتذوق الطعام المراكشي مع أخذ لقطات تصويرية تذكارية في كل أرجاء النزل.
هذا النزل وغيره وصلت أسعارها إلى أرقام فلكية جداً في السنوات الأخيرة، بعد أن زاد بحث المستثمرين العرب والأجانب خاصة الكويتيين والعراقيين مع الأسبان والإيطاليين عنها لتحويلها إلى أماكن صالحة للإقامة أو البيع على شركات الفنادق العالمية التي أخذت فعلاً الاستثمار في هذا النوع من المواقع وأضافت له تصنيف النجوم بين 3 و 4 تقدم فيه جميع التسهيلات والخدمات التي يحتاجها النزيل وكأنه يسكن في أحد الفنادق الكبرى.
توجه بعض الدول العربية والخليجية للاهتمام بمثل هذه البيوت التراثية وتحويلها استثمارياً إلى نزل صالحة لسكن السياح رسالة سامية يتم من خلالها التعريف بتاريخ البلد وحضارته عبر أماكن صامدة حقيقية لم تطالها يد التشويه أو التزوير كما طالت بعض الكتب مع الأسف.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*