يكتبه: حمدان بن علي البادي |
سمعت بسكارفيس منذ أيام قليلة ولمن لا يعرفه فهو أسد كان يعيش في محمية ماساي مارا الكينية ونفق الأسبوع الماضي بعد أن عاش 14 عاماً كانت حياته حافلة بالحكايات والقصص التي جعلت منه نقطة جذب سياحي وملهماً لمحبي الطبيعية والسياح والمصورين ومحط اهتمامهم حتى اللحظات الأخيرة قبل وفاته، وكان من الطبيعي أن يتصدر خبر موته الشبكات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “نهاية قصة أسد شجاع”.
سكارفيس وحياته جزء من صناعة الحكاية بعضها يأتي مع الأيام والآخر يصنعه القائمين على المكان وبما يلهم الناس لاقتفاء أثر الحكاية بغض النظر عن مدى صدقها أو المبالغة في ما يقال، فتلك القصص تمنح المكان روح تنبض بالحياة وتعطي السائح فرصة ليعيش تفاصيل تلك الأحداث في مخيلته.
في محيط سكارفيس كانت تعيش المئات من الأسود والحيوانات البرية لكن القصة وحدها من جعلته متفردا، لم يكن كأي أحد منهن، وكان السياح يشعرون بخيبة أمل حين يجوبون المحمية بحثا عنه ولا يعثرون عليه وهم الذين شدوا رحالهم من أجله.
في السلطنة لدينا الكثير من المزارات السياحية الصماء التي بحاجة لأن تستنطق ويحكى عنها ما يتناقل من قصص شفهية وتترك للسياح وزوار المكان فرصة ليعشوا بخيالاتهم في تلك القصص بين مصدق ومكذب لها، تستحضرني الكثير من القصص المسكوت عنها في السلطنة والمرتبطة ببعض الأمكنة على سبيل المثال حصاة الصلت وعن السور الذي بناه الجن في ليلة واحدة وعن القلعة والسوق الذي سحبوه الجن بعود “قت” عن فلج دن يوم للجن ويوم للإنس وغيرها من الروايات الشفوية التي يتناقلها الناس لكن لا أحد يؤكد صحتها ولا أحد ينفى صلتها بالواقع ولا أحد يوظفها في خدمة السياحة، قصص من شأنها أن تلهم السياح وتدفع بهم للبحث وراء القصة ومعناها وتعطي المزار السياحي قيمة مضافة تستحق عناء السفر لها.
ولله الحمد، لدينا تاريخ حافل بالقصص والبطولات التي دارت في القلاع والحصون والحارات العمانية وما بها من أحداث، يجب أن تُروى للسياح وأن تكون حاضرة لتمنح المكان قيمته وتؤرخ لمرحلة زمنية بكل تفاصيلها، للحياة التي كانت هناك بحلوها ومرها، مع العلم بأن بعض هذه القصص مدون في الكتب والمخطوطات العمانية ومرتبط بأسماء وشخصيات من التاريخ بعيداً عن الأماكن التي دارت فيها تلك الأحداث.
فالسياح تلهمهم القصص وتمنحهم فرصة للسفر عبر خيالهم إلى تلك الحقب وقد يتعدى الأمر لأكثر من ذلك والأمر لا يقتصر على الماضي حتى الحاضر وما به من تفاصيل يجب أن تبرز وتروى حكاياتها للناس، ولعل قرية وكان بولاية نخل والقصة المرتبطة بصيام أهلها ثلاث ساعات في اليوم بسبب وقوع القرية بين جبلين، وبالرغم من إن الرواية لا يصدقها عقل، إلا إنها كانت ملهمة للكثيرين من الداخل والخارج للبحث عن القرية، والحال أيضا ينطبق على ولاية بهلاء وما يقال عنها وعن سورها العظيم والقلعة التي بنيت قبل الإسلام فقد ألهمت صناع السينما الأمريكية لتسجيل مشاهد من أحداث أحد الأفلام المرتبطة بالسحر في الولاية.