يكتبه: د. رجب بن علي العويسي |
تمثل الأسواق التقليدية العمانية مفردة تراثية، تعكس مساحات التناغم في حياة الإنسان العماني، وأنشطته التجارية والاقتصادية، وتبرز تفاعلاته وعلاقاته التواصلية والاجتماعية، في أجمل سيمفونية، وأعذب ترنيمة، وأبلغ صورة، وأصدق بوح؛ برزت خلالها إبداعات الإنسان وانتاجه، وجماليات الطبيعة ورونق عطائها، فاحتوى المكان أهلها سُعدا وأمنا، وحاورتهم الطبيعة بلغة العشق للأرض.
وتزخر ولايات السلطنة بالعديد من الأسواق التقليدية التي ما زال بعضها يحظى بشهرة واسعة النطاق في الخارج والداخل بين السياح والمواطنين والمقيمين على حد سواء مثل سوق مطرح، وسوق نزوى وغيرها كثير، والتي اكتسبت شهرتها في الماضي والحاضر، وأوجدت لها مساحات أكبر للظهور والمنافسة رغم وجود المولات والمراكز التجارية الحديثة، في ظل ما تحمله من عبق الماضي بين أزقتها ودكاكينها، وإشراقة المستقبل والتحسينات والتجديدات التي رافقتها لتظهر في ثوب الأصالة والمعاصرة، وترسم صورة جمالية عن المحطات التاريخية لهذه الأسواق.
وقد أضاف تنوع محتوى بيئة التسوق بها، والطابع التقليدي الذي تتميز به، واستيعابها للكثير من المنتجات التقليدية والتراثية، ومنتجات الملابس والأزياء، والتحف والهدايا، والخناجر والسيوف، ومنتجات البخور أو اللبان وأنواع الفضيات والفخاريات، والأدوات الخشبية والمعدنية أو أنواع من الصناعات الجلدية المستخدمة في أغراض مختلفة، وغيرها، أضاف ميزات سياحية لهذه الأسواق، خاصة في ظل ما تشغله من حيز مكاني وموقع استراتيجي، يكتسب شهرة كبيرة وتقدير نوعي في نفوس المواطنين والسياح.
وعليه يبقى منح هذه الأسواق مزيداً من الابتكارية والتطوير في تقديم منتجاتها وطريقة عرضها، وعملية التسويق والترويج لها، عبر شاشات عرض الكترونية تروي حكاية هذا التنوع والتفرد أو الخصوصية العمانية في هذه المنتجات، وتعزيز البيئة الجمالية لهذه الأسواق، وتوفير دورات المياه اللائقة، ووجود المرشدين السياحيين الذين يقدمون شروحات مبسطة حول هذه الأسواق، ودعم الشباب العماني نحو فتح أنشطته التجارية في هذه الأسواق وفق برنامج وطني متخصص، وتوفير المواقف المناسبة، والاستراحات الجميلة في الداخل والخارج، التي تمنح السائح والزائر فرصة لالتقاط الأنفاس، ومساحة للتأمل في أخذ صور تذكارية، سوف يصنع لها حضوراً أوسع، ورافداً مثرياً لاقتصاد السياحة الواعد.