يعقوب بن يوسف البلوشي |
من المتعارف عليه أن المختصين في مجالاتهم ينفردون بخصال النضال لأجل تحقيق طموحهم خصوصاً في مجال البحوث العلمية، والابتكارات، والبيئة، والآثار، والتراث، مما تعد خصلة إيجابية تغذي تلك المجالات لما لها من أبعاد مثرية تساهم في نقلة نوعية لتحقيق التطوير العلمي أو الحفاظ على مكتسبات تاريخية أو الحفاظ على مكونات طبيعية لا تعوض مع مرور الزمن.
وإذا ما أخذنا وزير التراث والسياحة مثالاً، فإننا نأمل منه أن يضيف إلى طموحه المعهود في تطوير التراث والحفاظ على المكتسبات التاريخية للسلطنة والآثار، طموحاً آخر بما يختص تطوير القطاع السياحي والنهوض به كونه يقع تحت مسؤوليته الإدارية حالياً، فعادةً يدخل المهتمين في التراث في صراع مستمر وأزلي مع المهتمين في قطاع السياحة، حيث كل مهتم بقطاعه، يحاول أن يثبت أهمية هذا القطاع، وهو صراع له أسبابه وقناعته، فالمهتمين بالتراث ينظرون للتطوير السياحي في المواقع الأثرية والتاريخية بأنه قد يؤثر سلباً في الطابع التاريخي للمواقع الأثرية من خلال الزيارات السياحية الكثيفة وأيضا من خلال السياح اللامبالين تجاه أهمية تلك المكتسبات، مثل ما حدث في مصر في فترة سابقة، حيث تأثرت ألوان الرسومات القديمة في إحدى الغرف الفرعونية بالتنفس البشري نتيجة كثافة المجموعات السياحية التي تزورها بشكل يومي، مما أدى إلى بهتان ألوان نسبة كبيرة من الرسومات على جدران تلك الغرفة الفرعونية، مما أثار أمتعاض الجهات المسؤولة عن الآثار في مصر، وتم عمل جدار اصطناعي مماثل في ذات الغرفة بنفس الرسومات والألوان الحديثه حمايةً للآثار الخالدة من التأثر المستمر بغية حفظها كونها ثروة تاريخ لن تتكرر.
وفي الجانب الآخر، يرى المهتمين في علم السياحة في دول العالم، أن ترك العديد من الآثار والشواهد التاريخية والقلاع دون استغلال سياحي منظّم، قد يؤدي إلى اندثارها ولربما يكتنزها الإهمال المؤدي إلى فقدان أهميتها التاريخية مع مرور الوقت.
هذا الصراع الدائم بين أهل التراث وأهل السياحة له أسبابه المنطقية، وقد نجد أنفسنا في السلطنة قد حظينا بفرصة أن تكون السياحة والتراث تحت مظلة وزارة واحدة يديرها وزير نشط، يحظى بثقة جلالة السلطان المعظم في إدارة ملفين مهمين أحدهما حضاري والآخر إقتصادي في المرحلة المقبلة، فهل يتحدى الوزير طموحة التراثي ويضيف السياحة إلى خوارزمية الأهداف والطموح للوزارة المدمجة..!