د. رجب بن علي العويسي| تعد السياحة الوافدة اليوم أحد أعمدة بناء منظومة سياحية وطنية ذات صبغة عالمية تستقطب أعدادا كبيرة من السياح حول العالم، في ظل تراجع مساهمة هذا القطاع من ( 2.7%) عام 2017 إلى ( 2.5) في عام 2019. وتشير احصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن أعداد السياح الوافدين الذين قصدوا المبيت في السلطنة على اختلاف مسببات قدومهم في الفترة من 2011 – 2018 بلغ (14.1) مليون سائح، وبلغ عدد السياح الوافدين في عام 2018 ( 2.3) مليون سائح وافد، وفي العام نفسه بلغ أعداد زوار اليوم الواحد نحو مليون زائر تقريبا ( 941.0 ألف زائر )، الأمر الذي يشكل مؤشرا إيجابيا للسياحة الوطنية. واستمرارا لجهود الحكومة في تعزيز التوازن الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل ومعالجة العجز المالي الناتج عن الانخفاض القياسي لأسعار النفط وما فرضته جائحة كورونا (كوفيد19) من تحديات اقتصادية، فقد جاءت خطة التوازن المالي ( 2020- 2023) التي أعلنت عنها وزارة المالية لتضيف في مبادراتها الى القطاع السياحي فرصا أخرى وعبر، اعفاء مواطني ما يزيد عن 100 دولة حول العالم من شرط الحصول على تأشيرة الزيارة الى السلطنة، وما قد يسهم فيه هذا التوجه نحو فتح آفاق أوسع للقطاع السياحي وتوقع زيادة ملحوظة للسياحة الوافدة، خاصة بعد التراجع الذي أصاب القطاع السياحي مع بدء جائحة كورونا والانخفاض المتوقع في أعداد السياحة الوافدة للعام (2020) نظرا للإجراءات الاحترازية المتخذة واغلاق البيئات السياحية وتعليق فعاليات مهرجان خريف صلالة السياحي. ومع ما أشرنا إليه من توقعات إيجابية لهذه التوجهات على السياحة الوافدة، إلا أنها تطرح بعض علامات الاستفهام، حول مستوى جاهزية البيئات السياحية لهذه الأفواج السياحية القادمة، والصورة الذهنية التي ينقلها السياح حول توفر الخدمات السياحية والمرافق الداعمة لها، ومجالات التفرد التي تصنعها في احتواء متطلبات وأذواق السياح الوافدين والحدس بتوقعاتهم واهتماماتهم في ظل تنوع بيئاتهم الثقافية، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى ما يتعلق بالإرث الحضاري والثقافة المجتمعية ومنظومة المبادئ والاخلاقيات والقيم، بحيث لا يؤدي تحقيق الوفرة في السياحة الوافدة إلى التراجع في الاهتمام بالثوابت وقواعد السلوك الأخلاقي للسياحة العمانية التي ضمنت لها الأصالة والريادة وأعطتها نكهة الاعتدالية والتوازن والتجدد.