رأي وجهات | “الأزمات هي مآسي، لكن يمكن أن تكون فرصاً أيضاً، إنها نقاط انعطاف، كما إنها لحظات نقرر فيها إما التراجع أو تخيل مستقبل جديد”. اليوم ونحن على مرحلة نسير فيها نحو التعافي بعد جائحة كورونا المستجد “كوفيد 19″، التي أثرت على قطاعات واقتصاديات دول، ومنها قطاع السياحة والسفر الذي أصيب بالشلل تماما طوال الفترة الماضية، فإنه يفترض علينا أن نكون استوعبنا الدروس من هذه الأزمة على أقل تقدير.
الاستثمار في القطاع السياحي مهم جدا لبلد مثل السلطنة التي تتفرد بمقومات سياحية متنوعة منها طبيعية وجغرافية وصحارى وشواطىء ممتدة من مسندم الى ظفار لم تستغل استثماريا لتولد قطاعا سياحيا فاعلا يكون داعما للناتج المحلي الإجمالي. طوال سنوات ماضية تقارب آخر عشر سنوات لم نولي هذا القطاع الأهمية الكبيرة التي يجب أن يكون عليها. أنصب اهتمامها على وضع الاستراتيجيات والقوانين وتعطيل الفرص الاستثمارية مع تعدد المؤسسات المنوطة بهذا القطاع مع ضعف برامج الترويج السياحي وعدم فتح بلادنا للعالم سياحيا.
رقم 3.5 مليون سائح الذي تحقق في عام 2019، لا يزال رقما متواضعا مع ما تزخر به عُمان من مقومات سياحية وأمن وأمان وشعب مرحب بالسياح. اليوم ونحن في قراءة سريعة للازمة التي دخل فيها هذا القطاع بسبب كوفيد 19، ضعفت البيئة المؤسساتية لقطاع السياحة، ولم نستفد من بُعد هذه الأزمة ولم نعرف حقيقة تأثيراتها على قطاعنا السياحي سوى كلام عن توقف النشاط السياحي مع إغلاق المطارات.
الأزمة كبيرة وتأثر منها أفراد ومؤسسات في القطاع السياحي، ورغم التوقعات “الكلامية” بأن العودة ستكون سريعة لكن لا يزال الخوف مسيطرا على السياح وكل من له نية السفر مع وضعية الحجر المفروضة فلا نعتقد أنه يفكر في السفر. وحقيقة كنا نأمل أن يكون هذا القطاع شريكا في وضع الحلول المستقبلية للانتعاش السياحي، وأن تكون النقاط على الحروف في فتح القطاع للزوار وفتح المطارات وحركة الطيران. كنا مترددين في قرار متى نبدأ الانطلاقة، وأكثر صدمة كان قرار إغلاق مواقع ووجهات سياحية في وقت الحكومة تنادي بالتعايش مع كورونا كفيروس سيعيش معنا لسنوات، وأطلقنا شعارا “عمان نحو التعافي” لكن في وقت قراراتنا لم تكن تشجع على بداية التعافي خاصة مع توقف النشاط السياحي.
نعم الأزمات تشكل مآسي لاقتصاديات الدول، لكن كيف يمكن لهذه الدول أن تخرج من عنق هذه الأزمة وهي أكثر قوة لبناء قطاع سياحي يواكب النهضة المتجددة ويعطي صورة واضحة مع بداية تنفيذ رؤية واستراتيجية 2040 التي نعول عليها أن يكون لهذا القطاع دور في دعم الناتج المحلي الإجمالي الى ما يفوق مساهمته نسبة 10 % وأن نحقق رقما في عدد السياح يتجاوز 20 مليون سائح إذا كنا نريد أن نقفز بهذا القطاع للمساهمة في الاقتصاد الوطني وان يسهم في تشغيل القوى العاملة الوطنية من الباحثين عن عمل وان نجذب المستثمر الأجنبي، فهل يا ترى استطعنا مع هذه الأزمة ان نصوغ سياسة جديدة لقطاعنا السياحي ويكون حراكنا أسرع.