بقلم: حمدان بن علي البادي | بالصدفة ومن دون تخطيط مسبق وجدتُ نفسي أسيرا في طريق جروسجلوكنر أحد مسارات جبال الألب الشهيره حين أخذت طريقي إليه من زيلامسي وعلى بعد 30 كم لأكتشف إطلالة بانورامية بطول 48 كم تطل على سلسلة واسعة من الجبال تزدحم بالسياح كمتنفس طبيعي يبعث على الإرتياح بعيدا عن ضجيج المدن.
كيف لسلسلة من الجبال تخفي ملامحها كتل من الثلج والأشجار أن تأسرني بجمالها وأنا القادم من عمق جبال الحجر الغربي تحيط بي الجبال من كل الإتجاهات لدرجة أن عيوني اعتادت عليها ولا يأسرني فيها إلا إنعكاسات الشمس وقت الغروب بتدرجاتها اللامتناهية.
مشهد كان حاضراً وأنا أرى كل هؤلاء السياح يتدفقون إلى طريق جروسجلوكنر مقابل مبالغ مالية يتم تحصيلها أسفل الجبل، وفي ذهني جبال عمان الكنز السياحي المفقود كمتحف جيولوجي طبيعي يحيط بنا على أمتداد البصر من جبال مسندم في أقصى الشمال إلى جبال ظفار في أقصى الجنوب تأخذنا الحياة ومجرياتها بعيدة عن اكتشافها والتوغل في عمقها، فيما يشد السياح والجيولوجيين من مختلف دول العالم رحالهم إلى جبال السلطنة للبحث والدراسة والاستكشاف والمغامرة يقتفون أثر الدروب القديمة يمارسون الرياضات الجبلية ويغامرون باكتشاف قمم لم يصلوا إليها من قبل وبين هذا وذاك فرصة للتأمل والتخييم.
للجبال جمال ندركه ولا ندركه كمتنفس طبيعي حاضرا طوال العام وخاصة خلال فترة الشتاء مساحات شاسعة على إمتداد البصر خارج أجندة السياحة المحلية بالرغم من وجود حياة وناس يعيشون بينها ولهم حياتهم المسكونة بحب الجبال ما أن يغادروها لقضاء حوائجهم وأعمالهم اليومية حتى يعودون مسرعين للارتماء في أحضانها.
يجب ألا يقتصر كل هذا الجمال على الباحثين والدارسين للجيولوجيا والمغامرين وحدهم، بل يجب أن يكون للسياح نصيبا لأكتشاف السياحة الجبلية بتكويناتها الصخرية وتفاصيلها الصغيرة التي تتماهى من البعد كطبقات لا متناهية وأبدية تزدان بأشعة الشمس وقتي الغروب والشروق لعلها تأسرهم بجمالها وسحرها الذي يبعث على الراحه ويدعوا للتأمل ويدفعهم للمغامرة وتحدي الذات وربما يقضون ليلة هادئة على أحد القمم أو السهول والأودية تطوقهم الجبال من كل الاتجاهات في ليلة هادئة تزينها النجوم وينصتون لذواتهم على وقع أصوات كائنات الليل لتشرف عليك الشمس بقرص دائري أكبر من المعتاد وقد أرتوى نوماً وامتلأت رئاتهم بالهواء النقي.