قصبة الاوداية.. سحر الرباط منذ 8 قرون

الشواهد التاريخية دعامة المغرب السياحية

الرباط – يعقوب بن يوسف البلوشي | تتمتع المملكة المغربية بالعديد من الشواهد التراثية والتاريخية الضاربة في القدم، وهي بمثابة شواهد لتاريخ حاضر بقوة في زمننا الحاضر، وتشكل ايضاً دلالات واضحة على ان المملكة ذات امتداد تاريخي عاصرت خلال عقود من الزمن العديد من الحضارات والتشكلات الاجتماعية وأسلوب الحياة، تعد بمثابة بصمة واضحة على امكانيات البشر في التأقلم مع الظروف والتغلب عليها بحس فني حاضر في تفاصيل الابداع المعماري الرائع ذو البعد الجمالي الذي يعكس لغة الفنون في من استوطن تلك البقعة الجغرافية المليئة بالفنون والثقافات المتعددة.

الوداية٢١

مبان تاريخية
وتزخر العاصمة المغربية الرباط بالعديد من المباني التاريخية، فرغم التشابه الكبير بين المدن المغربية من حيث الطراز المعماري بالأسوار المطوقة والأبواب الخشبية السميكة والمساجد والقصور الشامخة، فإن لكل منها سحرها الخاص وجماليتها المعمارية الفريدة.
فمن المباني التاريخية المميزة لمدينة الرباط قصبة الاوداية، وتميزها لا ينحصر فقط في قيمتها التاريخية، بل يلعب موقعها الفريد دورا هاما في هذا التميز، فهي تتوسط المدينة البيضاء (اللون المميز للرباط)، وتطل على البحر وعلى نهر ابي رقراق، اما تاريخها فيمتد على مدى ثمانية قرون، بناها السلطان عبد المومن الموحدي عام 1165، ومنذ ذلك التاريخ، وهي المكان المفضل لاقامة الملوك والسلاطين.
وتتميز جدران القصبة بالقوة والصلابة، حيث تم بناؤها بالحجر السميك، وهي مطلية بالطين، أما الأبواب فهي كبيرة الحجم تعلو اطارها زخارف ونقوش غاية في الجمال والروعة. الأبراج الملتحمة بجدران القصبة تتخللها نوافذ صغيرة الحجم، بها مدافع حربية، مما يدل على الدور الدفاعي الذي لعبته قصبة الاوداية على مدى أحقاب زمنية.

جاذبية
قصبة الاوداية جذابة جدا لدرجة أن الأجانب ينتقلون لشراء مساكن هناك وتكمن جمالية القصبة في كونها تختلف عن نمط مدينة الرباط فهي تقع على بعد شارع من المدينة العتيقة وتشبه كثيرا أي مدينة ساحلية أغلب المساكن في قصبة الاوداية مصبوغة بأبيض ناصع وأزرق جذاب تشبه كثيرا الألوان التي نجدها في شفشاون والصويرة. السكان المحليون والسياح يحبون التجول بجانب سورها الخارجي الذي يطل على المحيط الأطلسي المحيط لواد أبي رقراق وضاحية الرباط سلا.
توجد داخل القصبة حديقة ساحرة، او ما يفضل المغاربة تسميتها بـ” الرياض “، مزروعاتها متنوعة من نخيل وحمضيات واشجار زهرية، إضافة إلى صهاريج وبرك مائية تشبة إلى حد كبير الحدائق الأندلسية، وزائر هذه الحديقة تغلب عليه مشاعر الشوق والحنين إلى ماض مجيد، وهو يتجول بين بساتينها تارة وينزل ويصعد درجاتها تارة أخرى، وتمر بذاكرته صور وملاحم من عاشوا بالاوداية وضحوا بالكثير من أجل ابقائها شامخة، كما تختلط مشاعر الأمن والأمان بالاحساس القوي بالذعر ربما من خطر مجهول آت، هذا الشعور المتذبذب تخلفه مشاهدة الجدران العالية والأبواب ومتاريسها.

image2

إلى جانب الحديقة، يوجد متحف للمنتوجات التقليدية من زرابي ومجوهرات وآلات موسيقية، كما نجد المقهى المطل على نهر ابي رقراق حيث ينعم الزائر بسحر خاص تمتزج فيه الهيبة التاريخية للمكان وروعة منظر البحر والنهر معا، بالإضافة إلى رائحة الشاي المغربي بطعم النعناع او ما يطلق عليه محليا “ اتاي”.
كان لقصبة الوداية دور هام ابان بنائها، حيث اتخذ جزء منها محكمة وجزء آخر سجنا وتعد اول محكمة في دول شمال أفريقيا، اما جدرانها المكونة للسور، فقد كان لها دور دفاعي في وجه الغزاة المستعمرين، تصمد وتنجو من هجومهم وحصارهم لها. هذا ما يفسر الموقع الاستراتيجي للاوداية المطل على البحر والنهر.
زوار قصبة الاوداية من مختلف الطبقات والاعمار، مغاربة واجانب، هدفهم واحد وهو اكتشاف ما يزخر به المكان من مآثر والتعرف على معالم تاريخية فالمغاربة يقودهم احساسهم الكبير نحو ميراث الاجداد، اما السياح فتقودهم رغبتهم الجامحة في معرفة تاريخ اول ما بني من العاصمة المغربية.

10 ملايين سائح زوار المغرب

  تجاوز عدد زوار المغرب عتبة ١٠ ملايين سائح خلال عام ٢٠١٣ بزيادة ٧ في المئة عن السنة السابقة، جاء في تقرير وزارة السياحة المغربية أن “عدد السياح الذي وفدوا على المغرب خلال سنة ٢٠١٣  وصل إلى ١٠ ملايين سائح، أي بزيادة قدرها ٧ ٪ مقارنة مع سنة ٢٠١٢. وأوضح التقرير أن زيادة أعداد السياح خلال ٢٠١٣  راجع بالأساس إلى ارتفاع أعداد السياح الأوروبيين الذين زاروا المغرب  خاصة من إيطاليا بزيادة قدرها ١٥ ٪، وألمانيا بزيادة قدرها ١٣ ٪، وإنجلترا بزيادة قدرها١٣ ٪. وتضمن التقرير أيضاً أن مناطق الجذب السياحي الرئيسة في المغرب تتمثل في مدينتي مراكش جنوب البلاد، وأغادير (جنوب غرب) ، اللتين استقطبتا خلال ٢٠١٣ حوالي ثلثي ليالي الإشغال في الفنادق ويعتبر المغرب الوجهة السياحية الرئيسية للأوروبيين، حيث يحقق أكثر من ٦٠ مليار درهم  كإيرادات من السياحة (٥،٥ مليار يورو) سنويا، ويعتبر القطاع السياحي ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المغربية بنسبة تصل إلى ٨ ٪ بعد القطاع الزراعي، ويشغل حوالي اكثر من ٥٠٠ ألف مواطن ومواطنه. وتسعى الرباط في أفق ٢٠٢٠ إلى ٢٠٢٢ إلى رفع عدد السياح الوافدين على المملكة المغربية ليصل إلى ٢٠ مليون سائح سنوياً، ليصبح المغرب “ضمن الوجهات السياحية العشرين الأولى في العالم”، حسب تقديرات التقرير.

المغرب ثالث أفضل مناخ في العالم

عملت مجلَّة “ويذرْ وايزْ الأمريكيَّة” على تصنيفِ المناخ المغربيِّ ثالثَ أفضلِ مناخ عبر العالم ، بعد كل من مناخ “فيلَاد دلمَار” في الشيلِي التي احتلت صدارة دول العالم، وذلكَ بفعل الهدوء التِي تشهدهُ طوال السنة، وندرة حدوث تقلباتٍ عنيفة فِي الطقس ثم مدينة لاسْ بالمَاسْ، بجزر الكناري الإسبانية، والتي حازت على المرتبة المركز الثانيَّ . التصنيفُ الأمريكِي الذِي شملَ عشرةَ مناطق عبر العالم، أدرجَ جزيرة سردينيا، فِي المرتبة الرابعة، بعد المغربِ مباشرة، فيمَا جاءت مدينة برشلونة الإسبانيَّة خامسةً فِي التصنيف، تليها العاصمَة البرتغاليَّة لشبونَة.
وإنْ كانت المجلَّة الأمريكيَّة تلفتُ إلى أنَّ الحكمَ على المناخ بكونه جيدًا أوْ رديئا، يبقَى أمرًا ذاتيًّا يصدرُ عن الفرد، لأنَّ هناكَ منْ يعشقُ الاسترخَاء تحتَ أشعَّة الشمس، فيمَا قدْ يفضلُ آخرون البرودة والشتاء، فإنهَا تفيدُ بأنَّ أفضل مناخٍ، هُو ذاكَ الذِي يؤثرُ بصورةٍ إيجابيَّة على الصحَّة البدنيَّة  والنفسيَّة للفرد، الذِي قدْ يصابُ بأمراضٍ عضويَّة نتيجة قسوة المناخ، وقدْ يتحسنُ حاله تبعًا لتحسن حالِه أيضًا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*