زوايا | السياحة التراثية وأهميتها في ثقافة الأجيال

 

بقلم: د. رجب بن علي العويسي | يأتي الحديث عن أهمية امتلاك الأجيال – وهم في مقاعد الدراسة – لمفردة السياحة التراثية كمنطلق لفهم مسيرة التحول التي عاشها الإنسان العماني والفكر الاستراتيجي الذي برز في هندسة التخطيط والتنظيم التي استخدمها في بناء القلاع والحصون والبيوت التراثية والأدوات والتحصينات التي تميزت بها كمعلم حضاري بارز وبيئات تراثية سياحية جاذبة لها حضورها في الثقافة العمانية.

لذلك شكلت السياحة التراثية التي اتجهت اليها السلطنة منطلقا للجهات المختصة في تنويع البديل السياحي وتطوير المفردات الثقافية الوطنية وعصرنتها، كونها مساحة تواصل وفرصة يقترب فيها الأجيال من مكونات هذه التراث وادواته وآلياته ومهامه وفلسفة وجوده والغايات التي حققها، بحيث تعيد إليها الأجيال نشاطها وحيويتها بما يستجيب مع طموحات المواطن العماني ويتوافق مع أولويات التنمية السياحية الوطنية، فكانت النزل التراثية إحدى مساحات التطوير والتجديد التي أدخلتها في المنظومة السياحية.

عليه فإن بناء هذه المفردة السياحية في ثقافة الأجيال سوف يضمن توثيق صلتهم بتراثهم وأصالتهم وتعزيز معرفتهم بفنون المجتمع وتراثه المادي منه والمعنوي، ويؤصل لديهم ثقافة الانتماء لهذا التراث وتقديره واكتشافه والابحار في أعماقه، وتكيفه مع المفهوم الوطني الذي ينظر للتراث كجزء من أصالة الإنسان العماني ومنطلقا له للدخول في التحولات الحاصلة في عالمه مع مزيد من التمحيص والفهم والوعي والتحليل لمحطات التأريخ ، وبالتالي تحقيق معادلة التوازن بين الأصالة والمعاصرة، ومفاهيم الوطنية والعالمية عبر فاعلية دور التربية الأسرية والمدرسية والجامعية في ترسيخ مفهوم التعلم الذاتي والحوار الفكري والتواصل الثقافي في الاهتمام بالتراث، وبناء ثقافة وعي مستدام لدى الأجيال نحو السياحة التراثية.

على أن وضوح آليات التعريف بهذه المفردات السياحية سوف يضمن قدرة المتعلم على توظيفها في واقعه بشكل أفضل، من خلال تعايشهم مع هذه البيئات بالزيارة والاطلاع والمعرفة والبحث والدخول فيها والسؤال عنها، فهي فرصة لتجديد الوعي بالتراث وتقريب الرؤى حول العديد من القضايا والأفكار التي يحملها الآباء فيتقاسمون معهم محطات التغيير، والفلسفة التطويرية التي يحملها الأجيال أنفسهم حول تطوير هذه النزل التراثية والاستثمار فيها والتفكير في تنفيذ مشاريع سياحية تبرز على السطح مع تقدمهم العلمي وتطورهم الفكري الناتج عن فرص التمكين التعليمي لهم في البحث والمشاريع ومختبرات الابتكار،  فتصبح هذه المواقع التراثية محطة لقراءتها في عيون الأجيال بطريقة يستلهمون فيها معاني الإنجاز والمبادرة والتطوير في قادم أيامهم.

ويبقى على التعليم بمختلف مستوياته إنتاج آليات جديدة لبناء ثقافة الأجيال السياحية، مستثمرا ما تتميز به الشخصية العمانية من رصيد قيمي وأخلاقي يظهر في طريقة تعامله ودماثة خلقه إلى كل القادمين إلى أرض عمان في سبيل تحقيق منظومة سياحية قادرة على المنافسة في الخريطة السياحية العالمية، والمساهمة في إضفاء طابع التطوير والعصرنة والتجديد فيها عبر تعميق التنافسية في استثمارها كمورد وطني ونمط سياحي منتج وبيئة سياحية قادرة على صناعة الالهام بما تحمله من عبق الماضي التليد ورؤية الحاضر المشرق.

Rajab.2020@hotmail.com

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*