بقلم – فاطمة النحوية
للمؤتمرات العالمية أهدافاً متعددة كتبادل التجارب والخبرات بين الدول، وهذا كان أبرز ما تضمنته جلسات المؤتمر العالمي الثاني للسياحة الثقافية المستدامة ( مسقط ،11-12/12/2017م). فكانت المشاريع المنفّذة من قبل المؤسسات والافراد في بلدانهم مدهشة ، كمشروع طريق اللؤلؤ بمملكة البحرين وتجربة الهند التي كانت محل تقدير الحاضرين لتحويلهم قلعة تاريخية من مكبٍ للنفايات إلى مزار سياحي أنعش السياحة وأفاد المجتمعات المحلية من أرباحها ، ولم يكن تنفيذ تلك المشاريع ممكناً من دون تكاتف المجتمع المحلي لاستثمار الثقافة واستدامتها .
إذاً لماذا لا تكون لدينا في عُمان تجاربنا الرائدة ؟!
ان المتتبع يلحظ الجهود المضنية للحكومة في هذا الجانب، بالرغم من اننا ما زلنا في مرحلة الانفاق على الثقافة والسياحة بصورة أكبر مما نجنيه منها، إلاّ إن إدراك الحقيقة مهم لتجاوز الصعوبات بنجاح ، لذا فإن دور المؤسسات الخاصة والأفراد يتعاظم للمشاركة الفاعلة لجني النجاحات والتي ستعم ثمارها على الجميع.
وقد نفذت بعض المشاريع السياحية الثقافية كإدارة وتشغيل قلعة نزوى، ولكن مفردات الثقافة العمانية كثيرة لا تقتصر على القلاع وانما تشمل القرى الأثرية ونظام الري بالأفلاج، والرموز التاريخية والعديد من العادات والتقاليد كأسلوب حياة ، حيث تندرج جميعها وأكثر منها في الثقافة الانسانية.
وإذا ذكرنا فلج دارس بولاية نزوى ممثلاً بحديقته كنموذج لتنشيط السياحة الثقافية نجد أن الزائر للحديقة يلاحظ النظافة والترتيب والإهمال في الوقت ذاته! فالترتيب جليٌ في تقسيم المرافق الخدمية بها، والنظافة قائمة بفضل جهود البلدية أما الاهمال فنتج عن عدم الاستغلال الأمثل لمرافق الحديقة مؤدياً لخرابها وتدميرها، فيأسف الزائر لما آلت اليه حالتها ! ولا يلبث ان يخرج مسرعاً لعدم وجود ما يجذبه اليها.
لذا فهناك الكثير من المشاريع التي يمكن تنفيذها تخدم الموقع والمجتمع المحلي، فيمكن مثلا إنشاء شركة تضم شبابا عمانيين متحمسين لإدارة واستثمار الموقع وتنفيذ مجموعة من المشاريع الصغيرة به، كتأجير درجات هوائية للوصول الى الموقع، والتعاقد مع الجمعيات النسائية لتشغيل المطعم، وتجديد منطقة ألعاب الأطفال وإدارتها، وانشاء متحف، والتجهيز لتجربة فريدة في الفلج.
الأفكار كثيرة، والأهم منها طرق التخطيط والتنفيذ والتسويق الجيد لها، كما أن المجال مازال متسع الآفاق للعمل الجاد الخلاّق في استثمار السياحة الثقافية بعُمان، فالمواقع لدينا لا تحتاج لمجهودات مضنية – كما حدث في الهند – في إزالة مكبات النفايات، كما أنها لا تحتاج إلى منشآت ضخمة لتشغيلها، فالأرضية جاهزة للاستثمار، هي بحاجة لأفكار متقدة وإدارة منفتحة ومجتمع محلي مؤازر، وهذا الاخير يمثل أهم الركائز الاساسية لاستثمار الثقافة سياحيا واستدامتها .