مسقط – العمانية |
تتميز السلطنة بوجود عدد من المواقع البيئية الرائعة التي تم الإعلان عنها كمحميات طبيعية حيث بذلت الحكومة جهودا متميزة لتطويرها وتهيئة الأجواء المناسبة لنمو وتكاثر الأحياء الفطرية فيها أبرزها محمية السلاحف برأس الحد ومحمية جزر الديمانيات ومحمية جبل سمحان ومحميات الأخوار بمحافظة ظفار، وتشكل تلك المحميات الطبيعية حجر الزاوية في السياحة البيئية في السلطنة بما تحويه من ثروات طبيعية فريدة وتنوع بيئي جذاب وعناية فائقة بالحياة البرية والبحرية.
وأعلنت وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة البيئة والشؤون المناخية في اكتوبر الماضي عن طرح طلبي إبداء رغبة للشركات والمؤسسات والمستثمرين الراغبين في الاستثمار لتطوير وإدارة السياحة البيئية في محميتي السليل الطبيعية بمحافظة جنوب الشرقية والقرم الطبيعية بمحافظة مسقط في ظل التوجه العام للسلطنة من أجل تطبيق مفهوم الاستدامة بكافة أركانها البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقال المهندس زاهر بن حمد الريامي مدير عام التنمية السياحية بوزارة السياحة ان السلطنة تهدف من خلال تطوير السياحة البيئية في المحميات الطبيعية إلى إدارة الموارد الطبيعية والثقافية بحيث تتفق الأنشطة المراد تنفيذها في المحمية مع سلوك أصحاب المنفعة وهم السكان المحليون وزوار المحميات من سياح ودارسين، وكذلك تنمية السياحة البيئية بحيث تعزز مشاركة أصحاب المنفعة في عملية التنمية وتطبيق السياسات الدولية والإقليمية والوطنية المعتمدة للممارسات القابلة للاستدامة وبالأخص في مجال صون وحماية التنوع الأحيائي في المحميات الطبيعية بشكل عام.
وأضاف في تصريح لوكالة الانباء العمانية أن مشاريع تطوير السـياحة البيئية في السلطنة تركز على تشجيع النشاط السياحي الواعي للتمتع بالمناطق الطبيعية والتراث الثقافي المرتبط بها والتأكيد على أهمية المحافظة على مفردات البيئة والتنوع الحيوي، وضرورة دعم السكان المحليين، لذا فانه من الضروري أن تتكامل أنشطة السياحة البيئية بالمحميات الطبيعية مع قطاعات الاستثمار السياحي المختلفة من حيث التنظيم والتخطيط والترويج السياحي والمسابقات بما يوفر عناصر الاستدامة داخل المحميات وخارجها.
وأوضح أن الاستثمار لتطوير وإدارة السياحة البيئية خاصة في المحميات الطبيعية يأتي ضمن مخرجات مبادرات برنامج تنفيذ لتعزيز قطاعات التنويع الاقتصادي الخاصة بالقطاع السياحي حيث يعد مشروع تطوير إدارة الأنشطة السياحية البيئية أول نموذج في السلطنة يختص بالأنشطة الطبيعية في المحميات، وكان البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي “تنفيذ” قد وضع خمس عشرة مبادرة سياحية من بينها أنشطة الطبيعة والمغامرة التي تشمل تشجيع الاستثمار الخاص في المواقع الطبيعية والمحميات وتطوير الأنشطة الطبيعية وأنشطة التحدي والمغامرة.
وتعد محمية القرم الطبيعية من أوائل مناطق الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية في السلطنة وتتميز بوجود مقومات طبيعية فريدة متمثلة في غابات أشجار القرم وتنوعها الأحيائي والقيم الطبيعية المرتبطة بها والتي تساهم في حفظ التوازن البيئي، كما تتميز محمية السليل الطبيعية بوجود مقومات طبيعية فريدة، وتضم هذه المحمية أكبر موئل للغزال العربي، وأشجار السمر والتكوينات الجيولوجية والتراث البشري القديم.
ونظمت وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة البيئة والشؤون المناخية اليوم الثلاثاء ويوم أمس زيارتين لعدد من ممثلي الشركات والمؤسسات والمستثمرين الراغبين في الاستثمار لتطوير وإدارة السياحة البيئية في محميتي السليل والقرم الطبيعية اطلعوا خلالها على المقومات الطبيعية للمحميتين والحياة الفطرية بهما ورافقهم خلال الزيارتين عدد من المختصين في الوزارتين.
وقال المهندس زاهر بن حمد الريامي ان الشروط الفنية التي وضعها المختصون بالوزارتين للاستثمار في المحميتين تركز على ضرورة ان يحقق المشروع أسس الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية حيث تشمل شروط الاستدامة البيئية صون وحماية التنوع الاحيائي والفيزيائي وان تكون المواد المستخدمة قابلة لإعادة الاستخدام ولا تؤثر على البيئة الطبيعية ومراعاة اشتراطات تقسيم المناطق في المحمية ودراسة الأثر الايكولوجي والبيئي ومراعاة المنظر الطبيعي عند التصميم والبناء واستخدام اليات التكنولوجيا النظيفة ورصد ومراقبة أنشطة الزوار وتشجيع البحوث المتخصصة وأهمية أن يكون التعليم والتوعية ضمن انشطة السياحة، بينما تشمل الاستدامة الاقتصادية تنشيط السوق المحلي حول المحمية (الشركات الصغيرة والمتوسطة) واقامة برامج اقتصادية واجتماعية لرفع المستوى المعيشي للمجتمع المحلي وتبادل المنافع بين المستثمر ومن لهم علاقة بالمحمية في عمليات التشغيل وتوفير المنتجات والخدمات المجتمعية واعطاء الأولوية لأبناء المجتمع المحلي فيما تشمل الاستدامة الاجتماعية احترام العادات والتقاليد والتعايش مع المجتمعات المحلية وتجربة العديد مما تحويه ثقافة المجتمع وإبراز منتجاتها والحفاظ على الارث الثقافي والتراث البشري المادي.
وتعد محمية القرم الطبيعية التي تقع في قلب محافظة مسقط واحدة من أهم مناطق صون البيئة بالسلطنة وضمن 18 محميةً طبيعيةً دوليةً معترفا بها في العالم، وهي مقصد للسياح والزوار خاصة وأنها تقع في منطقة سياحية على جانب شارع الشاطئ بمنطقة القرم السياحية والتي تضم أكثر من 63 منشأة وفندقا سياحيا. وتدخل المحمية ضمن اتفاقية «رامسار» بشأن الأراضي الرطبة التي انضمت إليها السلطنة بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم (64 /2012) بشأن الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها مآلف للطيور المائية. وتقع محمية القرم على مساحة إجمالية تصل إلى 80 هكتارًا تضم غابات أشجار القرم الطبيعية من نوع (Avicennia Marina)، وهو النوع الوحيد الموجود، والذي يستطيع التأقلم مع الوضع المناخي للبيئة العمانية، بينما تبلغ المساحة الإجمالية التي تغطيها أشجار القرم بالسلطنة ما يقارب الألف هكتار، ويحتوي الموقع على أكثر من 200 نوع من الطيور و40 نوعا من القشريات و50 نوعا من الرخويات، إضافة إلى العديد من صغار الأسماك، حيث تعد حضانة لتكاثر الأسماك التجارية ذات القيمة الغذائية الاقتصادية، مما يؤهله؛ لأن يكون مزارا مهما للسياحة البيئية.
وتقع محمية السليل الطبيعية في ولاية الكامل والوافي بمحافظة جنوب الشرقية وتبعد 57 كيلومترا عن ولاية صور وتبلغ مساحتها 220 كيلومترا مربعا وهي تشمل غابات السمر في معظم أرجائها، وتحوي العديد من الأنواع النادرة مثل الغزال العربي والقط البري العُماني السنمار، وحيوانات أخرى اتخذت من هذه البيئة موطنا لها كالثعلب الأحمر والنسر المصري وغيره.
وكانت وزارة البيئة والشؤون المناخية قد انتهت من اعتماد تفاصيل خطة تنمية حديقة محمية السليل الطبيعية، وقالت الوزارة ردا على سؤال لوكالة الانباء العمانية أن الخطة ترتكز على الاستغلال الأمثل للمقومات الطبيعية في المحمية مما يحقق الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمحمية والمجتمع المحلي من خلال تفعيل مجموعة من الأنشطة المرتبطة بالطبيعة كمركز الزوار الذي سيضم عرضا للمقومات الطبيعية والثقافية للمحمية ونشاط الرحلات البرية وجولات في المحمية لمشاهدة الحياة البرية وكذلك المسارات في الطبيعة للمهتمين برياضة المشي، كما ستكون هناك انشطة تخييم تعتمد على العيش والاندماج في الطبيعة ومتنفس للمجتمع المحلي ومشاريع اقتصادية اجتماعية تستهدفهم.
وأشارت الوزارة إلى أن من مبررات ومميزات تفعيل السياحة في حديقة السليل الطبيعية توسط المحمية أهم المعالم السياحية في محافظة جنوب الشرقية ووجود الطريق المزدوج الذي يربط جنوب الشرقية بشمالها ومحافظتي مسقط والداخلية مما سيشكل خط سير مهما وحيويا للأنشطة التجارية السياحية نتيجة الربط بين المحافظات ، وأيضا تميز محمية السليل باعتبارها موئلا للغزال العربي وتوفر الخدمات في المحمية يجعلها جاذبة لإقامة الأنشطة الاخرى من قبل الجهات الحكومية والخاصة ووجود نشاط الرحلات في بيئة طبيعية فريدة مع وجود السياحة الأثرية والجيولوجية إضافة الى وجود مخيمات وخدمات الضيافة وتوفر الخدمات اللوجستية لإقامة الندوات والمحاضرات وانشطة التدريب مما سيجعل المحمية مركزا مهما في المنطقة وحقلا مهما للتدريب في مجال الابحاث والدراسات في مجال صون الطبيعة.