يكتبه: حمدان البادي|
مع حركة القمر السنوية وتقدّمه بمقدار عشرة أيام من كل عام، سيتزامن شهر رمضان المبارك في السنوات القادمة مع الموسم السياحي في سلطنة عُمان.
هذا التزامن لم يحدث منذ أكثر من ثلاثين عاما، وهي سنوات طويلة من عمر نهضة عُمان الحديثة، حيث نمت فيها السياحة بشكل كبير وأصبحت سلطنة عُمان ضمن الوجهات الشتوية التي تستقبل سياح من مختلف أنحاء العالم، الذين يأتون للاستمتاع بدفء شتائها مقارنة ببلدانهم الأصلية.
هذا التزامن يحتاج إلى استغلال ذكي لصناعة تجربة سياحية استثنائية ترتبط برمضان، وتجذب السياح لتجربة عادات وتقاليد قد لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر. وتعزيز الموروث الشعبي من ثقافة وعادات وتقاليد تعارف عليها العمانيون خلال الشهر الفضيل إلى جانب توظيف الشعبانية والقرنقشوه والتهلوله وهبطات العيد وغيرها من الأنشطة لتكون من المظاهر التي تستحق أن يشد الناس رحالهم إليها.
في الواقع، هناك جهود طيبة يبذلها العُمانيون، سواء أفرادا أو مستثمرين، لصناعة لحظات مميزة وذكريات لا تُنسى خلال الشهر الفضيل. على سبيل المثال، ظهرت “التهلولة” في ولاية نزوى هذا العام بصورة مميزة، كما شهدنا إفطارا جماعيا في عدد من ولايات السلطنة بطابع مختلف. بالإضافة إلى ذلك، تقدم بعض القرى السياحية برامج خاصة للسياح خلال الشهر الفضيل، مثل قرية السوجرة في الجبل الأخضر، التي تُعد مثالا حيا على كيفية استغلال الفرص السياحية في رمضان.
كل هذه المظاهر تحتاج إلى تعزيز وتسويق جيدين لتصبح جزءا من صناعة السياحة التي توفر المتعة للعمانيين والمقيمين والسياح. ومن المهم أيضا أن تكون هذه التجارب مصحوبة بخطة تسويقية قوية لجذب السياح من الأسواق الخارجية، ومن جانب آخر، يجب أن يكون السائح الذي يزور عُمان خلال رمضان على دراية بالعادات والتقاليد المحلية، خاصة فيما يتعلق بالأكل والشرب خلال النهار.
ونظرا لأن عُمان تدعو للسياحة وتستقبل زوارا من غير المسلمين، فمن الضروري تنظيم هذا الجانب وإعلام السياح بما سيكون عليه الحال خلال الشهر الفضيل. فجزء كبير من متعة الرحلة يتمثل في تجربة الطعام، لذا يجب أن تكون هناك خطة واضحة لتوفير ذلك للسياح من دون الإخلال بما تعارف عليه خلال الشهر الفضيل.
كانت لنا تجربه في رمضان خلال الموسم السياحي في ظفار الذي تزامن مع خريف ظفار في السنوات الماضية، لكن لا يمكن تعميمها بحكم أن السياح من منطقة الخليج، وبالتالي أن الشتاء في مختلف محافظات السلطنة يستقطب سياحا من الأسواق الأجنبية، فقد يبحثون عن وجهات أخرى إذا وجدوا أن الأنشطة متوقفة والمطاعم مغلقة خلال النهار.
هنا لا ندعو إلى الإخلال بقدسية الشهر، بل إلى تنظيم الوضع بحيث تكون هناك خيارات متاحة للسياح دون المساس بالقيم الدينية. باختصار، رمضان في عُمان يمكن أن يكون فرصة ذهبية لتعزيز السياحة المحلية، شرط أن يتم استغلاله بشكل مدروس ومنظم، مع الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للبلاد.