يكتبه: حمدان البادي|
بعيون متعبة غلب عليها الاحمرار بسبب قلة النوم ودموع الحسرة على خسارة منتخبنا أمام شقيقه البحريني، وجدت نفسي، كغيري من الجماهير، عالقا في المنطقة الفاصلة بين تفتيش الركاب وكاونتر ختم الجوازات في مطار الكويت، حيث طُلب منا أخذ بصمة العين.
العين التي بالكاد كنت أستطيع فتحها بسبب الأرق أو حتى قراءة اللوحة المعلقة في الأعلى “رافقتكم السلامة”، المكتوبة باللون الأصفر في دلالة على مشاعر الدفء التي تودّع بها الكويت مسافريها قبل التوجه إلى بوابات المغادرة.
في هذه المنطقة كانت “البصمة البيومترية” بانتظارنا، نحن الذين اعتقدنا أننا نجونا منها أثناء الوصول، حيث طُلب منا إجراء بصمات الوجه والعين والأصابع. ولأن العملية كانت تتم عبر أجهزة تمزج بين التقليدية والتطور الرقمي وتأخذ وقتا أطول مما اعتدنا عليه، فقد أثار ذلك استياء البعض منا، وهذا الإجراء قد يؤخر تواجدنا المبكر في استاد جابر الأحمد الدولي لحضور نهائي كأس زين 26، أو كما يُعرف بكأس الخليج العربي.
ولعل لهذا السبب اهتدى أحدهم إلى القيام بهذه البصمة في رحلة العودة. وهذا ما كان، لحظتها -أي أثناء الوصول- كل ما كنا نريده ألا نتأخر عن المباراة، ولم نعر البصمة أي اهتمام، مع أن تجربة المسافرين برا كانت قد انتشرت عبر المنصات الرقمية، وربما لم نهتم، فقد كنا قبل هذه الحادثة بيومين في الكويت، وكان دخولنا وخروجنا سلساً، لكن ما حدث أن سنة جديدة قد دخلت، والكويت أعلنت عبر وزارة الداخلية أن البصمة البيومترية ستكون ضرورية من بداية العام الجاري، ولن يُسمح للمواطنين والمقيمين والزوار بالمرور من دون القيام بها.
في رحلة العودة، كان كل شيء طبيعيا من حيث انسيابية حركة الجماهير العمانية والبحرينية التي خرجت من الملعب في طريقها للمطار برفقة دورية الشرطة لتأمين وصولنا المبكر حتى لا تفوتنا الرحلات الجوية، لولا البصمة البيومترية التي أطلت لنا من جديد في آخر نقطة من اجراءات المطار، حيث لا يمكن المرور بدون القيام بها، لذا طُلب من جميع المسافرين في تلك اللحظة القيام بها. انحشرنا لمدة ثلاث ساعات في طابور طويل كأنه لا يتحرك، لوهلة شعرت أن هذه المجاميع لن تتمكن من القيام بالبصمة، سألت أحد أفراد الشرطة عن دورة مياه أستطيع الوصول إليها أو زجاجة ماء أرطب بها فمي، فاعتذر مني بلطف وقال إنه عليّ الانتظار لحين عبور البوابة فما كان منه إلا أن أشار إلى عامل في إحدى الغرف ليُناولني فنجان قهوة وزجاجة ماء.
كان أفراد الشرطة ودودين ولطفاء معنا، بذلوا جهدا كبيرا في تسيير الإجراءات وتقبلوا مزاجنا العكر، فلهم كل الشكر والتقدير، رغم ذلك، تبقى هذه الإجراءات جزءا من منظومة أوسع تعكس حرص دولة الكويت على تعزيز أمنها وتنظيم حركة الأفراد عبر منافذها.
تساءل بعضنا: ألا توجد أجهزة أسرع وأفضل مما كان حتى لا يؤثر على سير حركة الرحلات الجوية؟. فقد تأخرت رحلتنا أربع ساعات، وهل كان من المفترض أن تكون هذه البصمة البيومترية مدمجة في هوياتنا الشخصية، وإجراء ذلك في بلادنا، خاصة بعد إقرار سلطنة عُمان قانون البصمات الحيوية، ومن ثم ربطها مع الدول التي تربطنا بها علاقات دولية؟. أم أن هذا الإجراء سنحتاجه مع كل سفر جديد إلى الدول التي تُحدّث إجراءاتها الأمنية؟. خاصة الكويت التي أخذت صورة لعيوننا وهي بلون يغلب عليه الاحمرار.