يكتبه: حمدان البادي|
كأس الخليج، عرس خليجي نشد رحالنا إليه لنشهد أجواء الفرح والتلاحم والحماس على إيقاع الفنون الشعبية والاهازيج التي يطلقها الجمهور في كل مكان.
أتيحت لي فرص أن أكون من ضمن المشرفين على الجماهير التي قادتها “عمانتل” لدعم منتخبنا الوطني في بطولة كأس الخليج في محطات استثنائية، بدءا من المملكة العربية السعودية عام 2014، مرورا بالكويت عام 2017، وصولًا إلى العراق عام 2022 إلى جانب مشاركتي كصحفي في خليجي 2009 في مسقط ومتابعتي للبطولة عبر التلفاز من دورة 1994 في أبو ظبي.
هذه التجارب جعلتني أعيش عن قرب ما تحمله هذه البطولة من معانٍ تتجاوز حدود الرياضة، لتصبح مناسبة اجتماعية وثقافية تؤكد وحدة البيت الخليجي.
تأتي بطولة كأس الخليج في وقت مثالي، إذ تُقام في فترة تشجع على السياحة البينية بين دول الخليج، وتجعل الجماهير أمام فرصة مثالية للاستمتاع بالمباريات مع عائلاتهم وأصدقائهم وسط أجواء مفعمة بالحماس. حيث تعد البطولة فرصة لتقوية الروابط، وتعزيز الشعور بالانتماء لهذه المنظومة الخليجية الواحدة.
ووفقا لتصريحات رسمية، فإن الكويت تتأهب لاستقبال حوالي 75 رحلة جوية تقل أكثر من 30 ألف مشجع عبر مطارها الدولي، بالإضافة إلى الآلاف الذين سيصلون عبر المنافذ البرية، هذه الأرقام تبرز حجم الزخم الجماهيري الذي يصاحب البطولة، وأثرها الذي يمتد إلى الجوانب السياحية والاقتصادية، بدءا من الفنادق والمطاعم، وصولا إلى النقل والخدمات المحلية التي ستشهد انتعاشا خلال هذه الفترة.
وعندما نتحدث عن الكويت واستضافتها للبطولة، فإنها تحتل مكانة خاصة في قلوب العمانيين؛ فقد كانت “فال خير” على منتخبنا الوطني، حيث ظهر نجوم المنتخب وأكد في عام 2003 حضوره كمنافس للمنتخبات الخليجية ليكون قاب قوسين أو ادنى من البطولة في النسخ التالية قبل أن يسجل أسمه في سجل الابطال في عام 2009 ومن ثم يعود للكويت في عام 2017 ويختطف ثاني ألقابه، لحظات تاريخية لا تزال حاضرة في الأذهان حيث ذكريات الإنجاز وفرحة الجماهير التي اهتزت لها المدرجات.
هذا العام، تكتسب البطولة طابعا استثنائيا؛ إذ تأتي في ظل استعداد المنتخبات المشاركة للتصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم. وهو ما يجعل من كأس الخليج فرصة ذهبية للمنتخبات لخوض مواجهات قوية قبل العودة لاستئناف التصفيات في مارس المقبل.
لذا لا تقتصر هذه البطولة على التنافس الرياضي فقط، بل تمنح المنتخبات فرصة للاستعداد الجيد، وتمنح الجماهير مساحة لتجديد ولائها وحماسها خاصة بعد الظهور المتذبذب في تصفيات كأس العالم. فهل سيكون منتخبنا في منصة التتويج ويسجل لقبه الثالث؟. لينتشي ويعود بصورة أفضل ليمتعنا ويأخذنا لبعيد، أم سيواصل مرحلة ضياع الهوية؟. ويزيد من خوفنا وقلقنا!. قد يكون الحديث سابق لأوانه لكننا قلقون عليه.
كأس الخليج بطولة تحمل في طياتها روح الخليج الواحد، لا تنتهي بإطلاق صافرة الحكم الأخيرة، إنها تجربة مختلفة، وتثبت في كل مرة قدرتها على الابهار وحشد الجماهير، وتحقيق مكاسب تتجاوز الرياضة لتشمل الاقتصاد، السياحة، وحتى السياسة وتُذكّرنا دائما بأن ما يجمعنا أكبر من حدود التنافس، يجمعنا الانتماء والأخوة وروح البيت الواحد.