يكتبه: د. رجب العويسي|
في ظل المعطيات الإيجابية التي اتجهت إليها السياحة في سلطنة عُمان، وارتبطت بتنشيط سياحة المواسم والتوسع في المهرجانات السياحية بالولايات، والتي جاءت نتاجا لتمكين المحافظات ورفدها بحزمة من الحوافز المالية والإجراءات التنظيمية والممكنات الاستثمارية والتشغيلية التي استهدفت تعظيم دورها في التطوير السياحي، وانعكس على ارتفاع عدد السياح المترددين على المواقع السياحية، واستغلال الميزة النسبية فيها لتحقيق المنافسة سياحية، يبدو أن المؤشرات تتجه إلى السياحة الداخلية باعتبارها رهان التطوير القادم في المحافظات.
وبالتالي يتوقع أن تمنح الخطة الخمسية الحادية عشر هذا البعد أهمية أكبر في ظل ما يظهر من قياس الرأي المجتمعي والتفاعل الإيجابي الذي ابداه المجتمع والمحافظات في تنشيط السياحة الداخلية والتي جسدتها المبادرات السياحية المجتمعية والقطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تقديم نماذج سياحية أكثر تنوعا واستدامة وتضع للمحتوى المحلي أهمية في بناء مسار سياحي منتج يتناغم مع العناصر والمكونات السياحية بالمحافظة وكذلك يتسم باستيعابه للكثير من المفردات والمفاهيم السياحية التي لها صبغة عالمية وتجد من السياح الداخلين لسلطنة عمان مزيد الاهتمام.
على أن الوعي المجتمعي اليوم بحجم الثراء والتنوع والفرص التي تقدمها السياحة الداخلية سواء على مستوى التشغيل للقدرات الوطنية أو في خلق حراك تنموي اقتصادي في المحافظات يضع في الاعتبار خدمة المشهد السياحي كأولوية؛ وهو أمر كان له حضوره في مشهد التحول النوعي الذي قدمته بعض الولايات في المواسم السياحية وأثبتت من خلاله قدرتها على تقديم منجز سياحي أكثر تنوعا.
عليه، فإن الوصول بالسياحة الداخلية الى مرحلة الكفاءة والجودة والفاعلية بحاجة إلى ممكنات مؤسسية صلبة وناعمة، ومنصات احتواء وتشريعات وبرامج تصنع الفارق وتبني الفرص السياحية، الأمر الذي سيكون له انعكاساته الإيجابية على فلسفة الترويج السياحي والثقة المجتمعية، ورفع درجة الجاهزية السياحية في الوصول إلى الاستحقاق.
أخيرا، يبقى اقتراب مسار المنجز السياحي من السائح المواطن والمقيم والزائر واستجابته لموضع الاهتمام لديه، نقطة تحول لصناعة مسار إنساني اجتماعي استثماري للسياحة الداخلية يلتزم الخصوصية وتوفير الخدمات، ويستفيد من التنوع في البيئات البحرية والصحراوية والجبلية والسهلية، عبر زيادة الأنشطة السياحية وتنشيط الحراك الاقتصادي والفرص التي تمنحها للمواطنين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعمل الحر والشركات الناشئة والاسر المنتجة وغيرها من المكونات التي ستصنع لحراك السياحة الداخلية قوة وحضورا.