معارض فنية لفنانين وفنون الشوارع وعروض ضوئية وتصوير فوتوغرافي وفنون الفيديو والموسيقى
جسد الفنانون التراث الثقافي غير المادي وقصص الماضي في مطرح بصور معاصرة ليعكسوا الطابع الفريد للمدينة وأهميتها في التاريخ العماني
متحف القمر أحد أنجح مشاريع الفنان لوك جيرم ألهم به خيال الجمهور الذي يزوره القمر في كلّ منطقة من العالم
تانيا آل سعيد صورت التراث الثقافي باللوحة الجدارية “الوحدة في التنوع”
“ألوان الزمن المتغيرة” لمروة البحرانية يجسد الروابط الحقيقية بين سكان الحي ويخلق جوا بهيجا يحتفي بالتفرد وامتزاج التجارب الفردية
مطرح – وجهات|
تقترب فعالية رنين الفنية في مطرح من إسدال الستار على معرض فني سجل حضورا مميزا طوال فترة إقامته منذ افتتاحه في 20 نوفمبر.
كانت أزقة مطرح مليئة بالحراك الثقافي والفني عبر مشاركة أكثر من 20 فنانا من داخل سلطنة عُمان وخارجها، حيث توزعت أعمالهم على ثلاثة مواقع في أروقة ولاية مطرح.
بدأ رنين مطرح يأخذ صداه بداية من الممر المحاذي لمركز شرطة مطرح إلى بيت الخوري، وبيت الخنجي، وقلعة مطرح، شكل خلالها الفنانون نموذجا فنيا جديدا تشهده مسقط تنوع بين الفن التشكيلي والموسيقى.
معارض فنية
وتشهد فعالية رنين إقامة معارض فنية لأعمال فنانين وفنون الشوارع، وعروض ضوئية، وتصوير فوتوغرافي، وفنون الفيديو، فضلا عن فنون الموسيقى، إلى جانب الأعمال التركيبية الفنية التي تجسد جوهر الذكريات الفردية والجماعية لمطرح بأساليب إبداعية وجذابة، وتضم أعمالا فنية وضوئية وعروضا ليلية، وسلسلة من الفعاليات والعروض الموسيقية خلال أيام الحدث.
وتعرض الأعمال في البيوت التاريخية في مطرح على امتداد الأزقة والشوارع التي تربط بينها، وجسد الفنانون التراث الثقافي غير المادي وقصص الماضي في مطرح بصور معاصرة، ليعكسوا الطابع الفريد للمدينة وأهميتها في التاريخ العماني. حيث تأتي فعالية رنين لإعادة إحياء التراث العماني في مدينة مطرح العريقة من خلال الفنون البصرية والسمعية، وتهدف إلى إبراز بعض المواقع في ولاية مطرح من خلال الفنون البصرية والسمعية
واستطاعت فعالية رنين أن تجمع جميع فئات المجتمع، حيث يجمعها الفنّ والجمال، الأصالة والمعاصرة، بمختلف المراحل العمرية والاهتمامات والتخصصات.
الوحدة في التنوع
فقد كانت مشاركة صاحبة السمو السيدة تانيا آل سعيد باللوحة الجدارية «الوحدة في التنوع» التي صورت التراث الثقافي المتنوع للمجتمع العماني، من خلال احتفالها بالتاريخ المشترك الذي شكّل الهوية الجماعية، وكانت اللوحة الجدارية تمثيلًا مرئيا لالتزام سلطنة عمان بالتسامح والتعايش.
بدوره شارك الفنان كلاين جريسي بعشر صور كبيرة مطبوعة على المعدن، تظهر واجهات منازل قديمة مبنية من الطين مشتملة على مقتنيات حديثة، بين خلالها المنازل المهجورة التي توجد في مطرح ومواقع أخرى في سلطنة عُمان وقدم لمحة عن حياة الأشخاص الذين سكنوا هذه المساحات ويستحضرون الذكريات.
كانت أعمال كلاين معروضة في الزقاق المحاذي لمركز شرطة عمان السلطانية بمطرح، والتي أظهرت التصميم الداخلي القديم للعديد من المنازل التي بدأت تتشكل بصورة عصرية حديثة، حيث أن المنازل مصنوعة من الطوب اللبن ولكن الممتلكات التي يعرضها كانت في الداخل أثاث من الطراز الحديث، مثل: التلفزيون القديم، والمصابيح الأثرية الجميلة.
وعرضت خلال أيام الفعالية عروض الموسيقي المرئية التي قدمها الفنان العالمي العازف لورانس ثاينرت، باستخدام تقنيات البيانو المرئي.
بيت الخنجي
وكانت بيت الخنجي واحدا من المواقع التي تم اختيارها لاستضافة أعمال فنية حيث شكل العمل الفني «متحف القمر»، للفنان البريطاني لوك جيرام، حضورا واستقطابا للزوار.
متحف القمر .. أحد أنجح مشاريع الفنان لوك جيرم، ألهم به خيال الجمهور الذي يزوره القمر في كلّ منطقة من العالم، بتغيير المؤلفات الموسيقية في عرضه، وربطه بالقصص الشعبية لتلك المنطقة، ومعتقداتهم الدينية المتصلة به، وأحدث علوم القمر.
وقدمت أزرا أكساميا عملا فنيا بعنوان “الوفرة والندرة”، يتكون من مظلة بطول 70 مترا تتميز بنقوش مقطوعة بالليزر؛ لتكون تأثيرا بصريا، كما عرضت الفنانة الفوتوغرافية الفنلندية إيلينا براذر مجموعة من الأعمال التي تم تطويرها خلال إقامتها في عُمان.
وحين يكون الإنسان جزءا من المكان، ويكون المكان تعبيرا عن ذلك الإنسان، فقد أفصحت أعمال الفنانة الفنلندية إلينا بروثيروس، إحدى فنانات معرض رنين، عن ذلك لتمثل في أعمالها الفوتوغرافية أدوارا شخصيات متخيلة مختلفة في مختلف أنحاء سلطنة عُمان.
أعمال عمانية مميزة
من جانبهم، شارك الفنانون العمانيون بأعمال مميزة وبصمات فنية مؤثرة، حيث شارك هيثم البوصافي بعمل فني في بيت الخوري بـ “ذكريات حية”، المستوحى من ذكرياته الطفولية في مطرح، وبشكل خاص رؤية الألعاب الملونة، حيث يستعرض هذا العمل الفني الذكريات الأولى التي جمعته في مطرح خلال بداية التسعينيات ونهاية الثمانينيات.
ولأن ولاية مطرح كانت تستقطب الجميع للتبضع قبل العيد، حيث كانت الأسواق غير مزدحمة ومليئة بالألوان والأصوات المتباينة. لذلك كانت التفاصيل الكثيرة يتضمنها هذا العمل الفني، والتي أثرت في هيثم ودفعته لابتكار هذا العمل. ويمكن للزائر اكتشاف تلك التفاصيل من خلال عدة مستويات، سواء من خلال التركيز على التفاصيل الصغيرة أو من خلال فهم المعنى العميق للعمل.
وتعتمد أعمال البوصافي الفنية في فهمها واستيعابها على عمق الإنسان وقدرته على فهم الجوانب المعنوية والجمالية للعمل، حيث يمكن للمشاهد القراءة والاستفادة من كل التفاصيل الدقيقة التي يقدمها العمل.
بينما عمار الكيومي فقد قدم عملا فنيا مستوحى من كاسرات الأمواج الموجودة في مطرح، التي توفر الحماية من الأضرار الناتجة عن الأمواج العالية، وأيضا تعد سمة معمارية مميزة تعكس هوية مطرح.
شظايا غير مرئية
من جانبها، قدمت حورية الحراصية عملا بعنوان “شظايا غير مرئية” استخدمت فيها الصحون ورسم العيون وهو أسلوب يعبر عن الذكريات المنسية المخبأة في مكان بعيد في العقل.
وشاركت مروة البحرانية بعمل فني حمل عنوان “ألوان الزمن المتغيرة” تضمن زجاجا أكريليكيا مدمجا مع ورقة متلألئة شكّلت طيفا من الألوان المتغيرة تبعا للضوء وزاوية الرؤية. ويرمز هذا العمل إلى زمن خالٍ من الأحكام، ويجسد الروابط الحقيقية بين سكان الحي ويخلق جوا بهيجا يحتفي بالتفرد وامتزاج التجارب الفردية.
وشاركت الفنانة بشاير البلوشية، بمشروع في بيت الخوري بعنوان “رنين” الذي يتحدث عن الأماكن القديمة في مطرح. حيث شرعت بصناعة عمل اسمه “بيت الطفولة”، يتناول لعبة “التخبي” التي لعبها الصغار في طفولتهم قديما. حيث أثرت في نفوسهم حين كانوا أطفالا، والتي كانت اللعبة المحببة عند الأطفال ذكورا وبنات، حيث كانت العلاقات اكثر ترابطا، ولكن عندما كبروا، أصبحت العلاقة أكثر سطحية وتقتصر على اللقاءات العابرة. لذلك شعرت بانها بحاجة إلى لحظات من اللعب والمرح، ولذلك بنيت هذا المكان الذي يسمح للناس بالدخول والاسترخاء ومشاهدة فيلم قصير يشعرهم بالعزلة لفترة وجيزة. هذا الفيلم موجه للأطفال والكبار على حد سواء، حيث يساعد الكبار على تذكر طفولتهم وكيف كانوا يلعبون ويمرحون، ويوجّه الأطفال للعب والاستمتاع بوقتهم.
استوديو مكان
أما معرض «استوديو مكان» للفنانة روان المحروقية فهو مساحة ومركز نابض بحياة الفنانين والمبدعين وعشاق الفن على حد سواء، ويشكل مساحة للأحداث الثقافية ومحادثات الفنانين وعروض الأفلام والمشروعات التعاونية، مما يجعله مكانا ديناميكيا. كما يقدم نبذة عن الرحلة الفنية من خلال الاستوديوهات المفتوحة والمعارض الجارية، وتنفذ حلقات العمل والفعاليات بوصفها جزءا أساسيا من عروض استوديو مكان، إلى جانب جلسات الرسم والطباعة والوسائط الرقمية والتصوير الفوتوغرافي والحرف اليدوية.
وشاركت مروة البحرانية بعمل فني في بيت الخوري، شكلت فيه “ألوان الزمن المتغيرة” والتي تبدو الأبواب المألوفة لنا بألوانها الزاهية مفتاحا لذاكرةٍ تبتعد حينا وتقترب حينا آخر؛ إذ لا نزال نرى هذه “البيبان” في قُرى عُمان؛ وهي تتلاشى بمرور الزمن! .
وقدم الفنان العُماني الشاب محمود الزدجالي، عمله الفني في بيت الخنجي “حكاياتٌ تبقى”، والذي يتناول الحقبة الماضية عندما كانت الهواتف العمومية في مطرح وعُمان أداة اتصال حيوية تربط الناس عبر المسافات.