يكتبه: حمدان البادي|
في بداية تجربتي مع السفر، حين كنت أبدأ بالتعرف على الحياة وتفاصيلها، ذهبت إلى أقرب متجر ملابس لشراء ما أحتاجه للرحلة. لم أكن حينها على دراية بمفاهيم مثل المقاسات، والموضة، والعلامات التجارية، ولم أكن أميز بين أنماط الملابس، فاشتريت عدة قمصان وبناطيل جينز بعدد أيام الرحلة، من دون أن أجرّبها.
لذا وفي طريقي إلى المطار، اكتشفت أن الجينز كان ضيقا وغير مريح، بينما كان القميص واسعا لدرجة أنني اختفيت بداخله، أما الحذاء، فقد كان من الأحذية المخصصة للأمن والسلامة ذو وزن ثقيل وقد كانت تجربة مزعجة أفسدت متعه السفر عبر الطائرة لأول مرّة.
كتبت في أحد المرات منشور على صفحتي في الإنستغرام عن القميص الأزرق، وهو قميص لازمني في السفر واكمل حتى الآن 14 سنه ولبسته في 23 سفره وفي كل سفر كنت احرص على أن ألتقط صورا به وأنشرها في المنصات الرقمية.
أجد هذا المدخل مناسباً للحديث عن قلق البعض من ملابس السفر ما قبل وبعد السفر في بيئة نعتمد فيها على الزي التقليدي الرسمي في أغلب مناشط يومنا، أو الملابس الرياضية، بينما تبقى القمصان والجينز في حقائب السفر ولا تغادرها إلا ” للدوبي” ومن ثم تعود للحقيبة بانتظار الرحلة القادمة.
في بداية السفر كنت حين أعود من السفر أتخلص من أدواته كهبات وتبرعات، لا أحتفظ بشيء لا أعلم متى سيتاح لي فرصة استخدامه مره أخرى، بدءاً من الحقيبة مروراً بالملابس ومن ثم الحذاء، ومع تكرر السفر واعتياديّ له، وجسمي الذي استقرّ طوله وحجمه بدأتُ لا أخجل من ارتداء الملابس وتكرارها وأدركت مع مرور الوقت أن لا أحد من الأصدقاء المقربين ينتبه لهذه التفاصيل حتى يطلب الرحمة للقميص الأزرق على سبيل المثال.
في المقابل هناك من يتكلف في تتبع الموضة والإكسسوارات وتزيده عبئا، وهناك من يؤمن بالمثل الذي يقول ” كل ما يعجبك وألبس ما يعجب الناس”، وهذه الفئة من المسافرين تظن إن العالم يجب أن لا يراهم أكثر من مرة بنفس القميص وكأن العالم مشغول بهم وبملابسهم، لهذا أغلب تكاليف السفر تذهب لشراء الملابس مع كل سفر -وهنا- لا اعترض على ذلك ولكل مسافر أسلوبه وحياته.
ربما هذه الفكرة هي امتداد لتأثير الزي المنسق لملابسنا العمانية وضرورة تقارب القطع مع بعضها، وتجنب التكرار اليومي والمستمر، وكثيراً ما نصادف أشخاصا في حياتنا اليومية يقيمون ملابسنا ويقدرون قيمتها بدأ من ” الكمة” و”المصر ” وصولاً إلى جودة الثوب وخامته.
في النهاية لكل شخص أسلوبه ونمط حياته، وان قيمة الملابس ليست في احتوائها على علامات تجارية مشهورة أو في تنوعها أو عدد مرات ارتدائها، بل في الذكريات التي نصنعها بها، وفي قدرتها على أن تكون جزءاً من قصة، تصاحبنا وتضيف معنى لتجربتنا مع السفر والحياة.