مقال| السياحة نبض الشارع الاجتماعي

يكتبه: د. رجب العويسي| 

بعد أسبوع من العمل، وما فيه من ضغوطات نفسية وفكرية وازدحام الشوارع وكثرة المتطلبات والالتزامات اليومية للأسرة، تأتي الإجازات الأسبوعية، محطات استراحة يعيد فيها الفرد والأسرة ترتيب مساره، والوقوف عند استراتيجيات حياته، ليجد فيها فسحة للاستراحة والاستجمام الشخصي والأسري والجلسات العائلية، تتحدث فيها الأسرة مع أبنائها، تلاطفهم، وتمازحهم، وتضاحكهم وتستمع إليهم، ليكون مكان اللقاء ومحطة الالتقاء، متنزه طبيعي تحت ظلال أشجار السدر، أو متنزه قريب في الولاية أو إحدى النزل السياحية أو غيرها.

 ومعنى ذلك أن مسألة وجود البيئات السياحية التي تحتوي السكان وتجد فيها الأسر والعائلات مساحة أمان لها للالتقاء والاستجمام ، لم يعد حالة وقتية ترتبط بالمواسم، بل أصبحت ضرورة اجتماعية تستعيد خلالها الأسرة فاقد الهدر الاجتماعي ( الحوار، اللقاء، الأحاديث الودية، الذكريات الجميلة، الوناسة وسرد المواقف، الخ)، الذي حصل منها نحو أبنائها في بقية أيام الأسبوع، والاستعداد لهذه الجلسات والطلعات واللقاءات العائلية ومتطلباتها واختيار المكان يتم التنسيق له منذ بداية الأسبوع.

 إنها إشارة إلى ما تعنيه السياحة من فرص تجديد الحياة وإعادة إنتاج الذات الاجتماعية، لرسم ملامحها وإعادة إنتاجها في حياة الأسرة، وتصبح السياحة مساحة أمان تنقل الفرد والأسرة إلى محطات السمو الفكري والروح الإيجابية والتجديد المستمر، والاستقرار والسلام الأسري، تسمو بالإنسان اجتماعيا وترفع من مدركاته الحسية والمعنوية نحو الآخر- أبنائه وأسرته وأرحامه، الخ. 

عليه، فإن مسألة إيجاد بيئات سياحية قادرة على استيعاب هذه الفطرة الإنسانية في حب التجديد وكسر حاجز الروتين ورفع درجة اللقاء العائلي والاجتماعي كمؤثر إيجابي في صحة الإنسان النفسية، وتعظيم الصورة الإيجابية للإجازة الأسبوعية، عملية تصنعها الإرادة الجمعية والعمل المشترك، ويلقي على الجهات المعنية “المحافظات” ضرورة البحث عن كل السبل التي تعزز من انتشار هذه البيئات السياحية والتوسع فيها.

 إن الاجازة الأسبوعية محطة التقاء ومساحة احتواء للعائلات، ونجاحها مرهون بتنوع البيئات السياحية الترويحية واتساع الخيارات والبدائل المتاحة للسكان القاطنين في قضاء إجازتهم الأسبوعية في جو عائلي مفعم بالود والمحبة والتواصل والإنسانية والروح الإيجابية والتقدير العائلي، ويصبح وجود هذه البيئات الترويحية ضرورة واستحقاق اجتماعي لجودة الحياة وتعظيم السلام الداخلي في حياة الأسرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*