يكتبه: حمدان البادي|
اختارت منظمة الأمم المتحدة للسياحة، شعار “سياحة وسلام” عنواناً لليوم العالمي للسياحة الذي يحتفل به العالم كل عام في السابع والعشرين من سبتمبر.
ويبدو أن المنظمة التي حرصت على التعبير عن ارتباطها الوثيقة بمنظمة الأمم المتحدة عبر تسميتها الإنجليزية Tourism UN لديها السلام بمفهوم مختلف عن السلام الذي نعرفه، سلام تختزله في كلمة التعايش بيت الشعوب ، مما يجعل من شعارها الرنان خال من المعنى أو بتعبير محلي “لا يسمن ولا يغني عن جوع ” وذلك لأنه يأتي في وقت مضطرب بالصراعات والحروب التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية حيث يقع مقر الأمم المتحدة ، المنظمة التي ترعى منظمة السياحة العالمية وتقف عاجزة عن الحد من الهيمنة الأمريكية وتدخلاتها في تحريك ودعم وافتعال الصراعات العالمية.
يأتي الاحتفال باليوم العالمي للسياحة على أعتاب الذكرى السنوية للحرب التي يشنها الكيان المحتل على قطاع غزة والتي تدور رحاها منذ عام بدعم أمريكي أوروبي، هذه الحرب التي لا تزال تحصد ضحاياها تُلقي بظلالها على المنطقة والعالم، معيدة رسم المشهد الجيوسياسي، وقد اكتفت الأمم المتحدة بإصدار بيانات الشجب والاستنكار من دون اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من العنف أو وقف الانتهاكات، وهي المنظمة التي كان الهدف الأساسي من تأسيسها، منع الحروب وحفظ السلام بعد ويلات الحرب العالمية الأولى والثانية كما ينص ميثاقها، وإنها تسعى لاتخاذ تدابير جماعية فعَّالة لمنع وإزالة الأخطار التي تهدد السلام وتعزيز العلاقات الودية بين الدول، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
ومع ذلك، فإن المنظمة الأممية التي شهدت ولادة الكيان الصهيوني واحتلاله لفلسطين تبدو اليوم عاجزة عن حماية مبادئها الأساسية، في الوقت الذي تُروج فيه عن طريق احدى الوكالات التابعة لها للاحتفال بالسياحة كوسيلة للسلام.
حتى في تقريرها الأخير واقصد هنا – منظمة الأمم المتحدة للسياحة- خرجت لنا بمؤشرات ايجابية وكأن العالم بخير، بما في ذلك الشرق الأوسط، من دون أي إشارة إلى تأثير الحروب المستمرة والصراعات في المنطقة على قطاع السياحة، وبدلاً من تناول الآثار الكارثية التي خلفتها الحروب، ركز التقرير على تحديات أخرى مثل تكلفة النقل وتغير المناخ، وهي بلا شك تشكل تحديات حقيقية لصناعة السياحة، إلا أن تجاهل التداعيات الأمنية والسياسية الناجمة عن النزاعات المسلحة يفقد تلك التقارير مصداقيتها.
فمن المستحيل الحديث عن سياحة مستدامة أو سلام في ظل بيئة تعاني من العنف وعدم الاستقرار. لهذا والعالم يحتفل بشعار “السياحة والسلام”، تبقى الأسئلة الحقيقية قائمة: كيف يمكن للسياحة أن تزدهر في عالم تمزقه الصراعات؟. وكيف يمكن للسلام أن يتحقق في ظل التحيزات السياسية والعجز عن معالجة أسباب النزاعات الجذرية؟.