أثينا – د ب أ |
ربما يكون العالم القديم أكثر حضوراً في اليونان مقارنة بأي مكان آخر، غير أن أعمال الكشف عنه أصبحت تستخدم أحدث الوسائل.
فعلماء الآثار الذين يحفرون في منطقة من الأرض، يستخدمون أحدث التقنيات ويستفيدون من صور الأقمار الاصطناعية، وتسجيل المجموعات الضخمة التي يتم العثور عليها رقمياً، وهم يراودهم الأمل على الدوام في اكتشاف المزيد من القطع الأثرية.
وشهد هذا العمل تغيراً كبيراً خلال 150 عاماً مضت، فمثلا منذ قرن ونصف القرن صدرت تعليمات لاثنين من علماء الآثار الألمان، كانا متجهين إلى اليونان تدعوهم إلى أخذ أمتعة قليلة للغاية، و22 دراخمة يومياً لتغطية نفقات الطعام والانتقال بالقطار والخيل.
وفي القرن الـ19 كان هذا النوع من النصائح، يقدم في كثير من الأحيان للمسافرين الأثرياء، المهتمين باستكشاف خبايا العالم القديم.
ومن بين أولئك الرحالة عالم الآثار المهندس المعماري الألماني الشهير فيلهلم دوربفيلد، الذي اهتم بالبحث والتنقيب عن المواقع الأثرية في منطقة أوليمبيا القديمة وطروادة، ثم أصبح مديراً لمعهد الآثار الألماني بأثينا خلال الفترة من 1887 إلى1912.
وتدير المعهد حالياً كاتيا سبورن ومقره مبنى مقام على الطراز المعماري الكلاسيكي الجديد، والكائن في شارع فيدياس الذي يتنفس التاريخ، ويضم المعهد مكتبة بها حوالي 90 ألف كتاب، ومكتبة صور بها نحو 150 ألف صورة تغطي 150 عاماً مضت.
وتوضح أن الناس يبحثون هذه الأيام عن معلومات جديدة عن الماضي القديم، وتقول “نحن مهتمون اليوم بالربط بين الأشياء، ففي الماضي اعتدنا أن نسأل عن مكانة معبد البارثينون فيما يتعلق بتطوير تصنيف المباني أو علاقته بالنحت، ولكن تساؤلنا اليوم يتعلق بالوظيفة الفعلية التي يؤديها”.
وتضيف سبورن إن الزوار وعلماء الآثار يهتمون في الوقت الحالي، بالسياق الذي بني فيه المعبد والأهمية السياسية التي يمثلها، وما الذي كان يفعله الناس وقتذاك فيه.
وتنوه إلى الأهمية البالغة لترك مناطق دون أن تمس، حتى يتمكن علماء الآثار في المستقبل، من العمل فيها باستخدام وسائل لم يتم اختراعها بعد.
وتؤكد سبورن أن علماء الآثار اليونانيين ينظرون، بكل تقدير إلى التعاون مع معاهد الآثار في الخارج، مشيرة إلى وجود 19 معهداً دولياً للآثار في اليونان، من بينها معهد من الولايات المتحدة وواحد من فرنسا وآخر من بريطانيا إلى جانب المعهد الألماني.
وقالت عالمة الآثار اليونانية إيليني ستيليانو إن الزملاء من الخارج يجلبون معهم خبرة واسعة، كما يتمتعون أيضاً بطرق منهجية حديثة في البحث.
وتستخدم فرق المعهد الألماني المتعددة التخصصات تقنيات لم يستطع أسلافهم حتى أن يحلموا بها، من الطائرات إلى الطائرات المسيرة والأقمار الاصطناعية.
وتضمن مشروع حديث استخدام أشعة الليزر لمسح مساحة تبلغ نحو 150 كيلومتر مربع في وادي نهر كيفيسوس بجبال بارناسوس من الجو، وتقول سبورن إنه يمكن استخدام النتائج لإزالة الغطاء النباتي في المنطقة رقمياً على سبيل المثال، واكتشاف شكل سطح الأرض.