مقال| السياحة لغة المكان والزمان

يكتبه: د. رجب العويسي| 

السياحة لغة المكان والزمان، في تجددها وتكيفها مع اليوم والغد، في كونها مساحة للترويح والترفيه أو الاستجمام أو الاكتشاف يحققها الأفراد والجماعة عبر السفر أو التنقل في ظلال الطبيعة والتراث والبيئات السياحية المتنوعة، بما تستهدفه من مفردات البساطة والذوق والجمال والإبهار، وما تستحضره من الثوابت والقيم والأخلاق والهوية والثقافة والموروث الحضاري وعادات الشعوب والتنوع الثقافي، وفي كونها التعبير الأصيل عن التنويع والاستدامة الاقتصادية، ركيزة الاقتصاد الناجح، والاستثمار الواعد. 

وبات الحديث عن نجاح وكفاءة المدن الذكية ومدن المستقبل والمشاريع الاستراتيجية والإنتاجية والحيوية، والبيئات الحضارية، ومشاريع الطرق والأنفاق والجسور والمتنزهات، والأنشطة المرتبطة بالسدود والواجهات البحرية وتطوير الموانئ وغيرها كثير، مرتبط ارتباطا وثيقا بحضور البعد السياحي والترويحي كمكون أصيل فيه، ووفائه نحو الإنسان والتنمية. 

 كما أن الذائقة الجمالية والسياحية ورفع درجة كفاءة المنجز سياحيا بما يوفره من بيئة استجمام مادية أو معنوية والتنويع فيها وربط الأجيال بوطنهم وحضارتهم، وتشجيع المجتمع على الإسهام في توليد البدائل وصناعة الفرص وغيرها مفردات سياحية أصيلة في المنجز التنموي وشروط تنفيذه، ولم تعد السياحة منفصلة عن الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية التي يمارسها الإنسان وتستدعيها الذاكرة الجمعية. 

من هنا كانت السياحة لغة الحياة بكل تفاصيلها وتجلياتها وأبعادها، والقاسم المشترك الذي تتفاعل حولة أجندة التنمية الوطنية وتتناغم بشأنه مستهدفات رؤية عُمان 2040، ذلك أن صناعة الفارق في المنجز التنموي يعني تحقيق تحول نوعي في المشهد الوطني ورفع درجة الجاهزية فيه التي تقترب من أولوية الإنسان وشعوره بالرضا والاستقرار والأمان النفسي والسلام الداخلي وأن يجد في هذا المنجز التنموي فرصته لتحقيق المواطنة واستشعار عظمة ما يقدمه الوطن لأبنائه، لذلك كان رفع فرص التسويق لهذا المنجز وتعظيم اثره السياحي جزء من معادلة البناء الاقتصادي والتنموي للمجتمع. 

أخيرا، يبقى استدراك البعد السياحي في كل مراحل التطوير ومستجداته، وانطلاقته لآفاق رحبة ومنصات تسويقية تصنع له الفارق وتضمن له مساحة القوة، ضرورة حتمية تؤكد أهمية استحضار الذائقة الجمالية والهوية العمانية في بساطتها ورقيها في كل منجز تنموي، بحيث تتجه خطط التطوير الاقتصادي والبيئي والثقافي إلى وضع الذائقة السياحية في مقدمة الاهتمام وأولوية الإنجاز، بما يضفي على المنجز التنموي فرص تغييرية تنقله من الاستهلاكية والجمود إلى الإنتاجية والحركة، لتصنع منه فرص نجاح أكثر استدامة ومنافسة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*