مقال| تم تأكيد الحجز

يكتبه: حمدان البادي| 

 أنا من جيل كنّا إذا سافرنا، نتوكل على الله، ومن نصل إلى وجهتنا نبحث عن سكن، فكان من الطبيعي أن نتفق مع صاحب التاكسي الذي يأخذنا من المطار إلى المنطقة التي قررنا السكن بها إننا بحاجة للبحث عن سكن، وهناك تبدأ مهمة البحث الشاقة في الفنادق المحيطة، وقد نكون محظوظين أن تعاون معنا سائق التاكسي بحكم خبرته بالمكان وشاركنا في البحث طمعا في الإكرامية أو البخشيش.

 وحين يضجر منا صاحب التاكسي يتركنا في الشارع لنواصل المهمة ونحن نجر حقائبنا، وفي بعض الاحيان نتفق مع أول فندق نستكشفه ليحتفظ بالحقائب لحين انتهاء مهمة البحث الذي نأخذها بمزاج عالي وبتأنٍ يكون السعر هو الفيصل الرئيسي بعد أن نأخذ لفة في الغرف أو الشقة التي نريد أن نستأجرها وتفاصيل العقد. 

 الوضع طبيعي في تلك الفترة وتجد آخرون مثلنا، يبحثون عن سكن مع توفر حلول وبدائل كانت تضمن لنا عدم “البهدلة” لعل منها الحجز عن طريق المكاتب السياحية في بلدنا وفي بلد الوجهة أو الاستعلام من تجارب من سبقونا ومن ثم الاتصال بالفندق. 

 حين ظهرت المنتديات الإلكترونية وخبراء السفر قبل ربع قرن أصبحت المهمة أسهل نوعا ما بفضل ما وفرته منتديات السفر والسياحية التي شكلت مصدر معلوماتنا ودليلنا الشامل للوجهة التي ننوي زيارتها وظهر مختصون وخبراء مختصين في وجهات محددة. ومع بداية انتشار تطبيقات الحجز كنا لا نعول عليها كثيرا، الغريب أنه حتى الآن لا يزال من يعتمد هذه الطريقة في حجز السكن والمسافرين الاشطر يحجزون ليلة واحدة ، ومن ثم تبدأ مرحلة البحث التقليدية عن سكن، وهناك من يقارن بين تكلفة الحجز عبر المنصة الرقمية وبين الحجز المباشر من الفندق بعد أن يكون قد اختار الفندق المناسب في التطبيق ويحدث العكس أيضا. وهناك من يقطع ألف وألفين كم مع عائلته بالسيارة ولم يتدبر سكن وأقرب مثال لذلك بعض المسافرين إلى صلالة أو مكة، تاركين الأمر للحظ والظروف وحين يصل وجهته سيتدبر أمر السكن.  قد يبدو ذلك من الغرائب في عصر التحول الرقمي الذي يعرض للناس كافة أشكال المنشآت المعروضة للإيجار بالصور وتجارب من سكنوها بإيجابيها وسلبياتها. وإذا كان الغالبية من المسافرين قد تجاوزوا مسألة حجز الاساسيات بوقت مبكر كتذاكر السفر والسكن والسيارة، فإن الأمر تعدى ذلك إلى الحجوزات المسبقة للاماكن الترفيهية والمطاعم حيث مكنت التقنية من الاطلاع على المطعم وقائمة الطعام والاسعار وملاحظات الزوار تاركين هامش من المرونة والحرية لتجاوز تلك الخيارات مع توفر الكثير من العروض في ظل الامكانيات الرقمية التي تخدم قطاع السياحة وخاصة الخوارزميات التي بمجرد ان تفكر في الوجهة حتى تعرض لك مئات المنشورات الموجهة لك وكأنك طلبتها. 

 وفي الأخير، هل أنت مع الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة في تخطيط السفر والحجوزات المسبقة عبر المنصات الرقمية؟. أما إن السفر بالنسبة لك مغامرة والمغامرة لا تقنع بما دون النجوم كما قال المتنبي؟.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*