مقال| السياحة وهدوء العاصفة لما بعد رمضان

يكتبه: د. رجب العويسي| 

شهر رمضان سياحة دينية ووقفات روحيه في مدركات الكون ونواميسه التي ابدعها الله جل جلاله، والمتأمل في أيامه ولياليه وروحانياته، وحياة الناس فيه وعاداتهم وممارساتهم وسلوكهم الاجتماعي والاقتصادي، بين صلاة وصيام وقراءة للقرآن وذكر وصدقة، والتزام واعتدال وتصالح مع النفس والآخر، يستشعر ما يحمله من موجهات لبناء الحياة الآمنة المطمئنة، القائمة على الاستمتاع بالنعم مع استشعار عظمة الله فيها والتأدب معه جل جلاله، وتجديد العلاقات الاجتماعية الناصعة في ظلال الايمان والقيم والمبادئ والأخلاق، فهو في الوقت نفسه يمثل فرصة لالتقاط الأنفاس وتعظيم الممارسة التأملية نحو استدامة التنمية، في الانطلاقة بقطاع السياحة خططا وبرامج ومحتوى ونماذج واستراتيجيات وتطبيقات إلى أرحب الآفاق، لتتجلى فيها قيمة الأمان والخصوصية والهوية، وتتجسد فيها صورة احترام النماذج الوطنية، وإعادة انتاج الموارد وتعظيم قيمتها المضافة.

 وبالتالي ما يمكن أن تتركه روحانية رمضان من أثر إيجابي في تكوين الفرد النفسي والفكري والاجتماعي، ورفع مستوى الاهتمام لديه بالذائقة الجمالية والترويحية للحياة، الأمر الذي ينعكس على المنجز التنموي السياحي وسبر أعماقه، لتشكل مبادئ رمضان العظيمة وقيمه الأصيلة وأهدافه السامية محطات مهمة في صناعة التغيير، واغتنام الفرص المتحققة من هذا التناغم لتجسيدها على أرض الواقع، فكأن رمضان بذلك هدوء العاصفة التي تأتي بنتائجها المزهرة بعد رمضان. 

فإن المتوقع أن تعزز هذه الروحانيات الرمضانية من كفاءة المسار السياحي، وما يحمله من فرص، ويقدمه من نماذج، ويصنعه من خيارات، ويوجه إليه من بدائل وخيارات، ويعظّمه من قيم وأخلاق والتزامات وحدود وضوابط، يتقاسم مسؤوليتها الفرد والمجتمع وسلطات الدولة ومنظوماتها المختلفة لصناعة قادمة للسياحة تأخذ بكل المحطات الإيجابية النوعية التي باتت تقرأ فرص التجدد والتنوع والاستدامة في سلوك المسلم في رمضان، ليشكل بذلك دافعا معززا لنهج التغيير في العادات السياحية، والتي تبدأ مع إجازة عيد الفطر السعيد وما يتلوها من إجازات دينية ووطنية، آخذة في الاعتبار صور التوازنات التي انتجها رمضان في حياة المجتمع واوجدها للمحافظة على مكتسباته. 

أخيرا، يبقى تعظيم هذه المبادئ والروحانيات الرمضانية وترقية ممارستها في حياة الفرد والمجتمع وتربية الناشئة عليها محطات مهمة لتوجيه المنجز السياحي الترفيهي والترويحي وتمكينه من صناعة الفارق، في ظل مبادئ راقية، وقيم عادلة، ومنظورات للحياة الآمنة المطمئنة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*