مقال| الحبال والجبال 

يكتبه: حمدان البادي|  

 يقول المثل “رعاة الجبال لا يستخدمون الحبال” في دلالة لألفتهم مع الجبال ودروبها لهذا استحضر هذه المقولة التي لا تخلو من ثقة مفرطة واستهل بها الحديث عن تسلق الجبال كنشاط سياحي ورياضي وترفيهي يتكاثر محبوه بشكل كبير عبر مسارات جبلية يحرص منظموها على تضمين نشاط النزول/ التسلق بالحبال من ضمن البرنامج.

 ولأن من عاشوا في الجبال يعرفون دروبها وأين يضعون اقدامهم لم تكن الجبال عصية عليهم، ولم يحتاجوا إلى حبال لبلوغ قممها، وقد تدرب العمانيون على استخدام الحبال في طلوع النخيل ونزول الآبار التي شكلت مهارتهم الأولى، ومنها انتقلت للجبال لإنقاذ من علقوا فيها أثناء رحلات البحث عن العسل وأيضا لمساعدة الهوش التي علقت في أماكن لا يمكن للإنسان الوصول إليها.

 والنزول بالحبال في الجبال مهارة يجب التدرب عليها وعلى معايير الأمن والسلامة وهي مهارة اهتدى لها الإنسان للوصول إلى غايته التي لا يمكن إدراكها إلا باستخدام الحبال قبل أن تظهر كرياضة وكنشاط سياحي، يمارس في مختلف جبال العالم. 

 ولأن جبال عُمان صغيرة ولطيفة والمسارات التي يتدرب فيها الهواة والمحترفون بسيطة إذا قورنت بقمم جبال عالمية، إلا إنها كانت كافية لأن تدفع بعدد من الشباب العماني إلى مقارعة قمم عالمية في الهملايا وافريست وكليمنجارو وغيرها من القمم. 

وقد نشرت قبل يومين الكاتبة أمامة مصطفى في حسابها على الفيسبوك صورة لها من على نقطة ستيلا بوينت ثاني أعلى نقطة في جبل كلمنجارو الذي يعد أعلى قمة في أفريقيا، وكان الراحل خالد السيابي قد تمكن من بلوغ قمت افريست في عام 2010 كأول عماني يحقق ذلك وتمكنت نظيرة الحارثية كأول امرأة عمانية من تحقيق ذلك في عام 2019. وبين الأسماء المذكورة أعلاه وقبلها كان هناك عدد كبير من الشباب من حملوا شغفهم ورفعوا علم سلطنة عُمان في قمم جبال العالم، وكان حلمهم الأول قد تشكل في جبال عُمان ومساراتها للوصول إلى احلامهم الكبرى.

 في سلطنة عُمان هذا النشاط له مختصين ممن احترفوا تقديم الإرشاد السياحي عبر مسارات الفيا فراتا وتسلق والنزول من الجبال كجبل شمس والجبل الأخضر وجبال الحجر وجبل سمحان ودربات ومجلس الجن والكثير من الأماكن التي أصبحت نقطة جذب لمحبي المغامرة، والوصول إليهم ليس صعباً، حيث تتكفل خوارزميات الإنترنت بإيصال أعمالهم للمهتمين بهذا النشاط.  

وتسلق الجبال لدى هؤلاء المختصين أنواع ومسميات حسب تجربة المتسلق نذكر منها على سبيل المثال “ديب وتر سولوDeep Water Solo ” وهو يمارس في الجبال التي يحتضنها البحر في مسندم وبعض الاماكن في مسقط من دون استخدام أي معدات سلامة بالاعتماد على مياه البحر، حيث يسقط المتسلق في الماء عند الانتهاء من المسار أو عند عدم القدرة على انهائه. 

كما بادر بعض الأفراد والمؤسسات التجارية للاستثمار في هذا النشاط عبر صالات مغلقة تحاكي التسلق ومهاراته وتعزيز الوعي واحتياط الأمن والسلامة لدى ممارسي هذه المغامرة وتوفير الأدوات المناسبة لكل نوع من أنواع التسلق قبل الانطلاق إلى تجارب حقيقية في الجبال.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*