مقال| صور.. عاصمة السياحية العربية بهويتها البحرية المتفردة

يكتبه: د. رجب العويسي|

 مدينة صور، بلد البحر والجبل والسهل، بلد الربابنة والنواخذة، حيث الصواري الشامخة، والقلاع والمآذن والمنارات، تزخر بتراث بحري عريق، مكّنها من القيام بدور محوري في الحضارة العمانية، منطلقة من البحر وسفنها التي تمخر عبابه في تعزيز التواصل العالمي، حتى كان لها في علم البحار سبقا وحضورا فيما أنتجه ربابنتها من أدوات البحر وأنظمة الرصد وابتكره من آليات التعامل مع الفلك وحركة النجوم والكواكب. 

 على أن ما اتسم به تراثها البحري الزاخر بالكثير من المعالم والمفردات، واشكال التعبير الثقافي البحري وأنواع السفن، شواهد على تنوع هذا التراث البحري بكل تفاصيله وعمق ما يحمله من قيمة اقتصادية وسياحية منافسة، جعلت من مدينة صور مركزا اقتصاديا وتجاريا في مراسي وعبور السفن المحملة بالبضائع من الشرق الى الغرب والعكس. 

عليه يبقى التراث البحري لمدينة صور، عنوانا يسرد لنا حكاية البحار العماني في أخلاقه وقيمه ومبادئه ومهاراته وقدراته ونجاحاته وابتكاراته، وكيف شكل هذا التمازح والالتقاء الحضاري بين الداخل والخارج والظروف والتحديات التي واجهها الربابنة في رحلاتهم البحرية، هوية مدينة صور البحرية في تعميق قيمة التراث البحري لخدمة الانسان والتنمية وبناء مسارات أكبر للتكامل بين الانسان ومفردات البيئة البحرية وعناصرها المختلفة، على أن تنوع المكون البيئي لمدينة صور في تمازجها بين الجبل والسهل والساحل عزز من التلاحم والتعاون وجسد روح التعايش بين مختلف شرائح المجتمع، كما حافظ على الخصوصية الثقافية واستدامة الإرث البحري المادي وغير المادي لمجتمع الساحل. 

من هنا فإن ما يحمله اختيار مدينة صور عاصمة للسياحية العربية لعام 2024، ينطلق من أبجديات هذا التراث البحري وما يشكله من قيمة سياحية في تعظيم دور السياحة البحرية والشاطئية ، وتجسيد عمق التراث البحري وأثره في بناء الهوية وترسيخ أنماط محددة من الثقافة الاجتماعية، التي أصبحت تشكل شخصية أهل صور.

 إن تجديد هذه التراث وتعميق الوعي به للأجيال الحالية والقادمة والوقوف على محطاته وتجلياته، منطلق لتعزيز اقتصاد السياحة وتأصيل منهجي معزز بالمبادرات والتجارب والنماذج والتشريعات لصناعة السياحة البحرية وتعزيز حضورها في مسيرة العمل السياحي، وخيوط اتصال تتناغم مع توجهات سلطنة عُمان في تعزيز الميزة التنافسية للمحافظات وتفعيل دور المهرجانات السياحية، فإن ما يتوقع أن يتم من برامج وخطط مصاحبة، مدخل لإعادة انتاج التراث البحري السياحي وتسويقه.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*