مقال| آخر أيام الصيفية بداية المشاوير

يكتبه: حمدان البادي|

 النسمات الباردة التي تهب في المساء هذه الأيام قد تكون هي “آخر أيام الصيفية”،   كما قالت فيروز،  حتى وإن اكتشفنا حين يصبح الصبح أننا نمنا تحت أجهزة التبريد ولا يزال سخان الماء في إجازة ودرجات الحرارة تصل لأعلى مستوياتها منذ ساعات الصباح الأولى، وهذا يجعلنا نعيد النظر في أيام الصيف والشتاء ونزداد يقينا  بنظرية “التغيّر المناخي” واتساع “ثقب الأوزون “الذي أشغل العالم وأخل بالتوازن في مناخنا شبه الاستوائي الذي ينقسم لفصلين لا ثالث ولا رابع لهما، كما في علم الجغرافيا حيث ينقسم العام لأشهر حارة ورطوبة ولواهيب، نسميها الصيف، والتي تبدأ من مارس حتى نهاية أكتوبر وبقية الأشهر شبه باردة تتخللها أيام دافئة وأخرى باردة. 

في ذاكرتنا الشتاء يأتي مبكراً مع إن الأجواء هذه الأيام ليست سيئة خاصة عند من جرب الأشهر الماضية، فهناك نسمة هواء باردة تنعش القلب، لكنها ليست من أيام الشتاء تلك الأيام التي نحتاج فيها لملابس ثقيلة وتسخين الماء ودفايات في بعض القرى ، وطقوس شتوية يتفق عليها الجميع كالتحلق حول الجمر للتدفئة والرمسات الخارجية مع ما يتوفر من مشاوي ومخبوزات أو مشروبات الشتاء الساخنة. 

الشتاء وإن جاءت أيامه قصيرة ومعدودة فإن ما يتركه من انطباع هو ما يشعرنا بالبرد حين تهب كتل الهواء الباردة وتعلن الأرصاد عن المدن التي تسجل أدنى درجات الحرارة يقابلها سجل الولايات الأكثر دفئا، نفرح بالثلوج التي تتشكل في قمة جبل شمس حتى وإن لم نستطع الوصول اليها، ونفرح بالأمطار التي تواصل هطولها وفق مواعيد غير معلومة على مختلف محافظات السلطنة كواحدة من أبرز علامات الشتاء، إلى جانب الميزة الاستثنائية لسلطنة عُمان، حيث تحظى أغلب أشهر السنة بفرصة هطول الأمطار بسبب التكوينات الصيفية التي تتشكل خلال أشهر الصيف على جبال الحجر قادمة من بحر العرب والمحيط الهندي لدرجة أنها تتطور إلى أعاصير أو تلك الكتل الباردة التي تهب من أعلى الكرة الأرضية باتجاه سلطنة عُمان عبر المحافظات الشمالية خلال فترة الشتاء. 

وإذا كانت فيروز قرنت آخر أيام الصيفية بآخر المشاوير في أغنيتها التي لا علاقة لها بالصيف ولا بالشتاء، أنما بالصبية التي تعطلت بها السيارة في ساحة ميس الريم، فإن آخر أيام الصيف بالنسبة لنا هي بداية المشاوير والنشاط الذي يأتي مع الأجواء الشتوية والغيوم الرمادية، حيث النسمات الباردة والشمس التي مالت بمسارها قليلا بسبب ميلان محور الأرض وحركتها لتمنحنا جزءاً من جانبها الدافئ وتدفع بنا بالرغم من قصر النهار نحو ممارسة أنشطتنا السياحية كالمشي والمسير الجبلي وتحدي كثبان الرمال. أما الليل الطويل فهو ملائم للتخييم والرمسات ومراقبة النجوم. 

 وبالطبع للفلكيين حساباتهم المستندة لعلم الفلك والانقلاب الشتوي بالنسبة لهم يأتي في النصف الثاني من ديسمبر والتقسيمة أعلاه تستند إلى مقياس الجو وتقلبه بين حار رطب إلى بارد دافئ، وما تعارف عليه الناس وهي لا تلغي الفصول الأربعة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*