يكتبه: حمدان البادي|
مع بدء اعتدال الطقس يكاد لا يخلو مكان من عمود دخان أبيض يتصاعد للسماء ليعطي دلالة على أن هناك لمة ومشاكيك واحتفالية بمناسبة وبدون مناسبة، والأمر نفسه يتكرر مع انتشار “ثقافة الفود تراكس” على الشوارع وتخصصها في المشاكيك والبرجر، لتمنح المكان رائحة لا يمكن تجاهلها.
في الصين القديمة شكى الناس بصاحب بيت يتصاعد الدخان من بيته كل مساء، فما كان منه إلا أن قدم لهم خروفا مشويا كدليل يبيح له ما يفعل، وليعلن لهم اكتشاف اللحم المشوي، وذلك بعد أن اهتدى لشوي اللحم بالصدفة حين احترق بيته بما في ذلك الخرفان التي كان يربيها ليجد طعمها ورائحتها ألذ بعد أن طالتها النار، وقبل هذه الحادثة كانت الناس تأكل اللحم بدون شوي.
فلكل قوم عاداتهم وتقاليدهم في شوي اللحم ولنا في عُمان طرقنا لعل من أبرزها المشاكيك بحضورها وطعمها ورائحتها المميزة ويتفق الجميع أنها الأسهل والأسرع في الشواء وهي ليست “تكة” ولا مشاوي، بل مشاكيك بتقطيعة معينة وتبزيره خاصة وتغميسة الصبار وتدخل في مختلف التجمعات، واعيادنا الدينية لا تكتمل إلا بها ومؤخرا انتشرت المحلات التي تتخصص في تجهيزها، فظهر بوكس الرحلات، ولحم القعود، واللحم الاسترالي والمحلي وانواع مختلفة.
وثقافة المشاكيك ليست من مستحدثات السنوات الأخيرة أنما هي ثقافة انتشرت مع انتشار العمانيين ولعل المهرجانات منذ سنواتها الأولى كان شاهد على سطوة المشاكيك وحضورها في احتفالات العمانيين لدرجة ان البعض يطلق عليه تندَّر مهرجان المشاكيك.
السائح القادم من خارج عُمان لا يبحث عن مطاعم “البراند” ولا عن وجبات يمكن الحصول عليها من الوجهة القادم منها بقدر ما يرغب في استكشاف المطبخ العماني والأكلات العمانية مثل الشواء والعرسية والهريس والمضبي وغيرها من الأكلات. إلا أن المشكاك اكثرها شهرة لسهولة أعداده مقارنة بالأطباق المذكورة ويتم تقديمه على نطاق واسع في مختلف انحاء عُمان على عكس الأطباق الأخرى التي توجد في بعض المطاعم المتخصصة والتي لا تنتشر تجاريا على نطاق واسع بالرغم من شهرتها في كل بيت عماني، ويمكن أن نستثني من ذلك المضابي على طريقة أهل ظفار الذي ينتشر بكثرة ويقدم كوجبة للسياح طوال العام وخاصة خلال موسم الخريف إلى جانب المشاكيك.
الغريب أننا لا نقدم المشاكيك لضيوفنا وليس من كرامة الضيف في الثقافة العمانية تقطيع اللحم أو شكه، بل كرامة الضيف في الاتيان “بالذبيحة” كاملة برأسها وأكبادها من دون مساس، لهذا المشاكيك لاتزال تستهلك من قبل العمانيين وكثرة مقدميها دليل على الطلب الكبير عليها، وهناك بعض المقاهي التي أخذت شهرتها وتخصصها في تقديم المشكاك كجزء من الثقافة العمانية ولعل هذا يساهم في تعزيز حضور المشكاك ضمن أجندة السائح.
Halbadi03@gmail.com