مقال| “سهيل وبنات نعش”


يكتبه: حمدان البادي| 

 محمية الحجر الغربي لأضواء النجوم التي أنشئت بموجب مرسوم سلطاني في عام 2019 واحدة من الوجهات التي ستكون ذات شأن على خارطة السياحة المحلية حيث يمكن للسياح رصد سهيل في وقت بزوغه ومراقبة بنات نعش “شالات نعش من قال سبع ما طاح النار”، ودرب التبانة أو مركاض الكبش الذي جرى من السماء ليقتدي سيدنا إسماعيل كما في الموروث الشعبي الذي كانت تحكيه الجدات لأبنائهن وهم على المنامات الصيفية يراقبون السماء ونجومها المتلألئة حيث لا توجد أضواء ولا مسارات جوية للطائرات ولا أقمار اصطناعية. 

 تقع المحمية بين محافظات الداخلية والظاهرة وجنوب الباطنة، وتعتبر جزءاً من جبال الحجر الرسوبية والتي تتكون من قمم صخرية وأودية عميقة وجروف صخرية شديدة الانحدار وتقع المحمية على ارتفاع 1300 – 3000 متر فوق مستوى سطح البحر. 

 وإذا كانت المحمية تهدف لحماية السماء من آثار التلوث الضوئي الناتج عن الاستخدام المتزايد للأضواء الخارجية فإنها ملائمة لتتبع عالم النجوم بحركته ومساراته ومطالعه حيث لكل نجم قصة وأسطورة على الأرض ارتقت به للسماء وليس بالضرورة أن تكون خيراً، مثلاً يقال أن سهيل قتل نعش واختفى في الجنوب الشرقي من السماء، ومن يومها وبنات نعش يحاولن الأخذ بثأره حيث أربع تحمل النعش وثلاث تسير خلفه، لهذا يختفي سهيل في أيام كثيرة، مع إن سهيل رمز الحب والغرام، كما في أغنية محمد عبده وملهم الشعراء، كما قال أبو العلاء المعري: وسهيل كوجنة الحب في اللون، وقلب للمحب في الخفقان». 

 والمورث الشعبي زاخر بالكثير من القصص عن سهيل وزهرة وثريا وبنات نعش وأم ذيل ودرب التبانة وقائمة طويلة من الاسماء. ولان النجوم تتلألأ في الليالي المظلمة في كل مكان من هذا الكون وكأن السماء قطعة من الثريات مخصصة لكل شخص فإن المحمية، محمية من الأضواء الاصطناعية، حيث يمكن للسائح التمعن في جمال الكون بعينيه بالشروط التي تسمح بها المحمية، لهذا لا شيء يمنع من وجود برنامج يجعل من المحمية عالم لاستكشاف السماء في الليالي المظلمة، وإقامة برامج للشغوفين بتصوير المجرة وحركة النجوم، أو بيع نجمة للحالمين بنجمة في السماء تكون دليلهم حين يفقدون مسارهم،  فهذا النوع من البيع موجود وتؤكد بعض المصادر أن أكثر من ألف عربي قد اشتروا نجوم من السماء ولديهم شهادات تؤكد ملكيتهم لها، وبالطبع يستطيعون الاستدلال عليها. 

 كما إن هناك فترات زمنية خلال العام تشهد أحداثا فلكية، لعل من أبرزها تساقط الشهب التي كنا نرصدها ونحن نردد “الله وأكبر ” مع كل نجم يهوي، قبل أن نخوض في تفاصيل الجن الذين يحاولون الارتقاء للنجوم، ولأن الله يحرسها يرسل لهم هذه الشهب.   

الموروث الشعبي زاخر بالقصص والحكايات التي رصدها الناس وكانت حديثهم الليلي والعلامات التي يستدلون بها على مساراتهم وتفاصيل حياتهم “وعلامات وبالنجم هم يهتدون”.  لذا من المهم إعادة إحياء الموروث الشعبي ليكون حاضراً مع تلسكوبات الرصد الحديثة لسبر عالم الفضاء، حتى في الليالي المقمرة حين تختفي النجوم تاركة للقمر أن يطل بوجهه على الأرض لعل العشاق يجدون فيه خلوتهم والأطفال يطيلون النظر إليه لعلهم يصبحون شعراء، إلى جانب دورته الشهرية ومواقيته.

Halbadi03@gmail.com

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*