يكتبه : د. رجب العويسي|
يقال في المثل “كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده”، ومن بين الأمور التي زادت عن حدها ولم تعد بذلك التقنين والضبطية التي تأسست عليها ،”كاسرات السرعة أو المطبات”. لقد كانت الغاية منها الحد من السرعات الجنونية أو التصرفات غير المسؤولة من بعض مستخدمي الطريق، ومع عمليات التوعية التي قامت بها مشكورة شرطة عمان السلطانية مع الجهات ذات العلاقة، بدأ الامر مقبولا بعض الشيء من المواطنين، خاصة أن كاسرات السرعة تم وضعها في أماكن منتقاة ومختارة بعناية فائقة ( الطرق المرتبطة بالمساجد والمدارس والمراكز التجارية أو ذات الكثافة السكانية العالية)، ولم تترك للمزاجية والرغبات الشخصية .
غير أن الموضوع خرج عن القواعد والضوابط والمبررات حتى أصبحت تنفذ بدون قيد أو شرط، أو معايير هندسية أو تخطيطية، فانتشرت كاسرات السرعة في الشوارع مسببة الحوادث تارة، وأعطال المركبات تارة أخرى، ومشوهة للمظهر الحضاري العام، وهي بكل أحوالها أصبحت مزعجة ومرهقة لمستخدم الطريق .
ولمّا كانت السياحة مرتبط نجاحها بسلاسة الحركة المرورية وانسيابية الطريق، فإن كاسرات السرعة صعبت الأمر، وعقدت الحركة ومرونة التنقل داخل الولايات، وخير مثال يصف المشهد “ولاية دماء والطائيين بمحافظة شمال الشرقية “، أحد الولايات التي تمتلك مقومات سياحية تنافسية كبيرة، بما تحتضنه من كهوف وعيون وبرك مائية ومناظر خضراء ومسالك جبلية معروفة للمغامرات، شاهدة على عراقتها، وحجم التبادل الاقتصادي التقليدي بين الولاية وولاية قريات، ومنطقة الجبل الأبيض بما تتميز بمسطحاتها الخضراء ناهيك عن أوديتها التي تصب في سد وادي ضيقة بمحافظة مسقط، لتشكل لوحة جمالية فريدة في تضاريسها وامتزاجها بالخضرة والجبل والماء، والإنسان فأصبحت مقصدا للسياح من داخل سلطنة عُمان وخارجها.
فإن وصف المشهد يبدأ منذ دخول السائح من منطقة الجرداء متجها إلى مركز الولاية (محلاح) شاقا وجهته إلى طريق وادي دماء الذي يخرجه إلى منطقة ( الحائمة ) بولاية إبراء، حيث تبلغ مسافة الطريق في حدود (100كم) تقريبا، بينما يعرقل حركة سيره ما يقارب من (75) مطبا، وبعد إزالة بعضها وصلت إلى (65) مطبا، صورة بدأت تصنع من كاسرات السرعة، عائقا للسياحة بالولاية، وتحدٍ، يطرح على الجهات المعنية مسؤولية البحث عن أطر واضحة وأنظمة تقنينية وضبطية لهذه المشكلة المؤرقة.