يكتبه: طارق السهلاني|
تملك سلطنة عُمان مقومات سياحية مهمة، وقد نمت بشكل متواصل على مدى السنوات الماضية، رغم الأزمات التي أصابت العالم أجمع. ثراء ثقافي هائل، يمتد على طول سنوات من المجد والازدهار، وجمال طبيعي خلاب، أنعم الله علينا به، بدءا من محافظة مسندم، ملتقى الارث الثقافي والطبيعة الساحرة، مرورا بشمال الباطنة وولاية صحار خصيصا، والتي تشتهر بمعالمها التاريخية والسياحية وصناعاتها التقليدية، وصولا الى ظفار، أرض اللبان والتاريخ الأصيل، مرورا بباقي المحافظات التي تحمل كل منها طابعا مميزا وفريدا.
من هذا المنطلق، نتوجه بالشكر والتقدير لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، على رؤيته الحكيمة، وتوجيهاته السامية بتوفير كل الدعم الحكومي لقطاع السياحة، من خلال توفير مسار تكاملي يضمن قدرة السياحة العمانية على استثمار العناصر التاريخية والتراثية والمكونات البيئية والطبيعية والموروث الحضاري العماني. وهذا ما يظهر جليا في نص المرسوم السلطاني رقم 91 / 2020، الذي تم بموجبه تعديل مسمى “وزارة التراث والثقافة” إلى “وزارة التراث والسياحة”، مع تحديد اختصاصاتها وأهدافها المستدامة. ان الاهتمام بقطاع السياحة لا ينحصر في ضمان التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمار فحسب، بل يتعداه الى توفير فرص عمل للعمانيين القادرين على النهوض بأصول السياحة، وقد اثبت العديد منهم جدارته في موقعه، وكلي ثقة وايمان بالقدرات الوطنية وكفاءتها.
لا شك في أن التعليم واكتساب المهارات جزءا أساسيا من عملية رفع مستوى الجاهزية السياحية، الا أنني ومن خلال خبرتي المتواضعة، وجدت أن الخبرة المكتسبة وخاصة عبر التدريب على رأس العمل، تسهم بشكل فعال في صقل القدرات والشخصيات، وتخلق دافعا قويا للمتدربين الشغوفين، الطموحين، والحريصين على صورة سلطتنا الغالية، المعروفة بكرم ضيافة شعبها، وعراقتها وتمسكها بالتقاليد.
وفي هذا الإطار، استذكر تجربتي مع منتجع شانغريلا بر الجصة، حيث تم افتتاحه بنسبة تعمين تقارب 50 % من خلال التركيز على تمكين عدد كبير من الموظفين العمانيين، وذلك في المعهد الوطني للضيافة، وعبر التدريب على رأس العمل، ومن خلال ارسال البعض إلى فنادق تابعة لمجموعة شانغريلا في العالم، لتنويع المهارات، وهم يشغلون الآن مناصب رفيعة تليق بجهودهم.
لدينا في بلدنا العزيز عدة فنادق تابعة لعلامات تجارية عالمية، نتمنى التنسيق معهم لتدريب الكوادر الوطنية، لمدة لا تقل عن 6 أشهر الى سنة، بهدف تمكينهم بعد الانتهاء من التدريب من تولي مسؤوليات مهمة في مجال الفنادق والسياحة. ولست أرى مانعا من أن يتم التنسيق مع هذه الفنادق والمنتجعات، من أجل وضع بنود تلزمها في تدريب الجيل الصاعد، وخاصة أولئك الذين يظهرون حبا لعملهم، وتفانيا في أداء مهامهم.
أخيرا، نتمنى من المعاهد والكليات المتخصصة في صناعة الضيافة، استضافة ضيوف شرف ممن يتمتعون بخلفيات في عالم الفندقة، لعقد ندوات او محاضرات بهدف الاستفادة من خبراتهم وتحليلهم للوضع السياحي ومستقبله. كما نعول على المبادرات الوطنية التي تركز على تطوير الشباب العماني، خاصة وأن تجربتنا الأخيرة في برنامج سفراء أتانا لاقت استحسان المتدربين وعززت من إمكانياتهم، وهذا ما يدفعني إلى الحث على تبني ودعم هذا النوع من البرامج لأنه في نظري من أرقى سبل الاستثمار في القدرات بهدف الاستدامة والتطور.
*مدير عام مجموعة فنادق ومنتجعات أتانا في مسندم