بقلم : فاطمة بنت عبدالله العليان | عندما نتحدث عن ” السفر ” كسياحة وقضاء عطلة، فوقعه على الأذن كالسحر بل هو أشد، يمنح النفس بهجةً، كدفقة ماء بارد في يومٍ حار، عندما تسافر فأنت بذلك تمنح روحك جرعةً من التجديد وشحنة “معتبرة” من الطاقة الإيجابية تساعدك على إكمال عطائك نحو واجباتك اليومية في بيتك وعملك وحياتك ككل. فإذا كان التخطيط للسفر هو بحد ذاته “متعة”، فأنت بين بحثٍ عن تذاكر للوصول، وعن مسكن للمبيت، وعن خطوط للعبور، كـأنك في سباق محموم، وكل ما أتممت جزءا منه تنفست الصعداء، وأحسست بتأكيد الأمور.
قد يرى البعض أن السفر مجرد ” دلع” أي رفاهية لا ضرورة لها، وتقتصر على فئة معينة من البشر، ربما في نظرهم ” للمرفهين والفاضين إن صح التعبير” ويرفض أن يعطيه أهمية لا يستحقها، ولا يقتنع أن للسفر فوائد تذكر. وفي رأي البعض الأخر، السفر وسيلة استجمام، واسترخاء، ونفض للهموم عن الكتفين، ومغامرة وترفيه، وفرصة مثلى لقضاء وقت عائلي جميل.
فمحبة الأسفار يفترض ألا تقتصر على بلد معين أو طبيعة معينة، فحب السفر لاشباع فضول، نعم فضول عميق للتعرف على الثقافات المختلفة، سواء كان البلد فقيراً أم غنياً، بارداً أم استوائيا، بعيداً أم قريباً، لا يهم، علينا أن نحزم أمتعتنا والانطلاق، بابتسامة لا تفارقك فعلينا ان نسافر، سنرى صنوف البشر، والتعرف كيف يعيشون، وكيف يقضون يومهم، لنمشي على أرض بعيدة، نسمع عنها او نقرأ عنها ولم نرها، تنفسوا من هوائها، حتى تمتلىء رئتيكم من رائحة أرضها، وتلمسوا شقوق بنائها القديم، وتذوقوا طعامهم التقليدي، لا يهم أن راق لكم أم لا، فالمهم أنكم تعلمتم كم هو حاذق وربما كم هو حلو، وأذهبوا الى المتاحف وعيشوا تجربة مثرية، عودوا بالزمن لسنوات مضت، للانفصال عن واقعكم لسويعات معدودة، لتتعرفوا على التاريخ الذي سيكون ماثلا أمامكم ليس كـصور أو كلمات، كما اعتدتم من قبل، السفر هو عالم أخر مترامي على مد البصر، تحط على راحة يدك، وتبقى لديك إلى الأبد .
وراق لي أن أكلل ما كتبت بقول الإمام الشافعي رحمه الله :
تغرب عن الأوطان في طلب العلى
وسافر ففي الأسفار خمس فوائـد
تفريــج هــم، واكتـسـاب مـعيشـةٍ
وعلــمٍ، وآدابٍ، وصحبـة مـاجـد